ان مفاد هذا اللسان تنزيل الموجود منزلة المعدوم، فيختص حديث نفي الضرر ونظائره مما يكون لسانه النفي بالأحكام الوجودية. و ان أبيت عن ظهور ذلك في الاختصاص المزبور فلا أقل من كونه المتيقن، فلا وجه حينئذ للاستدلال به على إثبات حكم يلزم من عدمه الضرر.
وبعبارة أخرى: شأن قاعدة نفي الضرر رفع الحكم الذي ينشأ منه الضرر، أو رفعه عن الموضوع الضرري، لا وضع الحكم الذي ينشأ من عدمه الضرر، وان حكي عن بعضهم حكمه بالضمان في جملة من الفروع استنادا في ذلك إلى قاعدة نفي الضرر، حيث إن عدم حكم الشارع فيها بالضمان ضرر، فينفي بحديث نفي الضرر، ويحكم بالضمان:
منها: ضمان حابس الحر ظلما حتى شردت دابته، أو أبق عبده، أو طار طيره.
ومنها: ضمان منافع العبد المحبوس على الحابس.
ومنها: ما في العروة الوثقى من جواز تطليق الحاكم زوجة من لا يتمكن من النفقة، بتقريب: أن عدم الحكم بجواز طلاقها للحاكم ضرر عليها فينفي هذا العدم بحديث نفي الضرر، ومقتضاه جواز طلاقها للحاكم، قال في عداد النساء اللاتي يجوز للحاكم الشرعي طلاقهن: (و كذا في الحاضر المعسر الذي لا يتمكن من الانفاق مع عدم صبر زوجته على هذه الحالة، ففي جميع هذه الصور وأشباهها وان كان ظاهر كلماتهم عدم جواز فكها وطلاقها للحاكم، لان الطلاق بيد من أخذ بالساق، إلا أنه يمكن أن يقال بجوازه، لقاعدة نفي الحرج و الضرر، خصوصا إذا كانت شابة واستلزم صبرها طول عمرها وقوعها في مشقة شديدة، ولما يمكن أن يستفاد من بعض الاخبار).
وقد نقل بعض أعاظم أساتيذنا (قده) أن صاحب العروة أعلى الله تعالى مقامه