العدميات كجريانه في الوجوديات بفروع كثيرة تقدمت الإشارة إلى بعضها، حيث إنهم زعموا أن الحكم بالضمان أو غيره فيها مستند إلى حديث نفي الضرر، ببيان أن عدم الضمان مثلا ضرر منفي بالحديث، ومن المعلوم أن نفي العدم يفيد الاثبات، فينتج الضمان.
وجه الضعف: ما تقدم من أن الضمان أو غيره في تلك الفروع اما مستند إلى الاتلاف، أو اليد، أو النصوص الخاصة كما في تطليق الحاكم زوجة الحاضر المعسر. ولم يظهر استنادهم في شئ منها إلى قاعدة نفي الضرر.
وبالجملة: فظهور حديث نفي الضرر في نفي الحكم الوجودي الثابت بالعمومات والاطلاقات مما لا يقبل الانكار، هذا.
مضافا إلى: أن العدم ليس حكما شرعيا حتى يكون حديث الضرر نافيا له وحاكما عليه.
ودعوى كون العدم حكما شرعيا كشرعية الترك في النواهي والاستصحابات العدمية، وأنه كالوجود مسند إلى الشارع، فلا فرق بينهما في حكومة (لا ضرر) عليهما، لكون كل منهما حكما شرعيا، وعليه فعدم الضمان أيضا حكم شرعي ينفيه حديث نفي الضرر (غير مسموعة) إذ فرق واضح بين العدم الأزلي وهو ما لم يوجد علة وجوده، وبين العدم الشرعي وهو ما وجد علة عدمه، حيث إن الأول أجنبي عن الشارع وغير مسند إليه، غاية الامر أن للشارع إبقاءه على حاله، وطرده بنقيضه، وليس هذا إلا مجرد القابلية للجعل بقاء.
وما ورد من (أنه سبحانه وتعالى لم يترك شيئا بلا حكم) لا يدل على مجعولية العدم القابل للجعل حتى يقال: ان العدم مطلقا مجعول، فيرفعه حديث نفي الضرر كما يرفع الحكم الوجودي. وذلك لأنه في مقام بيان تكميل الشريعة وعدم إهمال حكم واقعة من الوقائع، و ليس في مقام بيان سنخ الحكم من كونه وجوديا أو