منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ٤٢٤
وذلك كالخطاب المستكشف بالسير إلى الحج من نفس أمر الشارع بالاتيان بالمناسك في وقتها لمن استطاع إليه سبيلا، فان المسير إليه وان لم يكن دخيلا في اتصاف المناسك بالمصلحة، لكونها واجدة للملاك في كلنا حالتي وجود المسير وعدمه، لكن تركه يسلب القدرة على استيفاء مصلحة الحج في الموسم، لوضوح توقف إيجاد الحج في ظرفه للنائي على المسير، وليس وجوبه ناشئا عن ملاك يخصه، بل من متممات الخطاب بذي المقدمة، وهذا بناء على إنكار الشرط المتأخر والواجب المعلق.
وثالثة يكون الخطاب الثانوي متمما لقصور محركية الخطاب الأولي، بداهة أن الخطاب بوجوده الواقعي ليس باعثا للمكلف ومحركا له، بل محركيته منوطة بالوصول إليه بعلم أو علمي. وكذا حال الامر بالاحتياط، فإنه طريقي، بخلافه في القسمين الأولين، إذ وجوب الفحص والاحتياط يؤثر في إيصال الواقع إلى العبد وتنجيزه في حقه، ولا دخل لوجوب التعلم في نفس الملاك ولا في القدرة على استيفائه، لامكان إحراز الملاك عملا بالاحتياط.
وعليه، فالحق كون وجوب التعلم طريقيا للحكم الواقعي المجهول للتحفظ عليه، والقول بوجوبه نفسيا حتى يكون العقاب على تركه دون ترك الواقع خال عن الدليل. ومن هذا القبيل الأوامر المتعلقة بالطرق والامارات والبناء على اليقين السابق في الاستصحاب و وجوب الاحتياط شرعا.
وبوضوح الفرق بين أنحاء الدخل ظهر أن قياس شيخنا الأعظم (قده) لوجوب التعلم على مسألة وجوب حفظ القدرة أو تحصيلها غير ظاهر، لما عرفت من اختلاف سنخي الوجوبين.