منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ٢٤٣
لا بد من صرف هذا الظهور إلى الارشاد إلى الجزئية، إذ من المسلم أنه لا يتعدد الامر في المركبات بأن يتعلق أمر بالمركب وأمر نفسي آخر بكل جز منه، بل هو أمر واحد، وحيث إن الواجب في المقام ارتباطي تردد بين الأقل والأكثر، أشكل إثبات وجوب الأقل بأدلة الاجزاء، للشك في مطلوبية الأقل المجرد عن الأكثر، وقاعدة الشغل تقتضي لزوم الاحتياط.
إلا أن يقال: ان أوامر الاجزاء وان كانت إرشادا إلى الجزئية، إلا أن بيان الاجزاء لما كان وظيفة الشارع صح التمسك بالاطلاق المقامي لنفي جزئية المشكوك فيه وإثبات كون الواجب هو الأقل من دون لزوم إشكال الاثبات.
ومنها: أن نفس العلم الاجمالي يتكفل وجوب الأقل، ولا حاجة إلى ضم حديث الرفع إليه حتى يتوجه محذور مثبتية الأصل.
وفيه: أن الأقل المعلوم وجوبه بالعلم الاجمالي انما هو الأقل في ضمن الأكثر للعلم بتعلق الطلب النفسي به استقلالا أو ضمنا، وأن تركه موجب لاستحقاق العقوبة اما عليه واما على فوات الأكثر به. وهذا لا يوجب تعين وجوبه، لوضوح أن العلم بمطلوبية الأقل مرددا بين كونه بشرط شئ ولا بشرط لا يصلح لاثبات العلم بمطلوبيته مجردا عن الجز المشكوك فيه مع فرض الارتباطية.
هذا ما يتعلق بجريان البراءة الشرعية في المقام، والوجوه الدافعة لشبهة الاثبات.
بقي الكلام في الاستصحاب ولم يتعرض له المصنف، ولا بأس بذكره تتميما للبحث، وقد استدل به للاشتغال تارة وللبراءة أخرى، فنقول وبه نستعين: أما الاستدلال به على الاحتياط، فقد يجعل المستصحب الاشتغال الثابت بحكم العقل بعد العلم