منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ٢٤١
وتوضيحه: قصور حديث الرفع عن إثبات إطلاق الأقل حتى بناء على كون تقابل الاطلاق والتقييد تقابل العدم والملكة، إلا مع تسليم اعتبار مثبتات الأصول، وذلك لان مدلول الحديث عدم تقيد الأقل بوجود الجز المشكوك فيه، وهذا ليس مساوقا للاطلاق، إذ ليس حقيقته عدم التقيد بالخصوصية فحسب، لان هذا المعنى يتضمنه اعتبار (بشرط لا) أيضا، لعدم كونه مقيدا بوجود القيد، مع وضوح أن (بشرط لا) قسيم الاطلاق، وحقيقة الاطلاق أي (لا بشرط) هو عدم التقيد بكل من وجود الخصوصية وعدمها. وعلى هذا فمعنى إطلاق الأقل هو عدم تقيده مطلقا لا بوجود الجز المشكوك فيه ولا بعدمه، ومن المعلوم أن حديث الرفع لا يتكفل لاثبات إطلاق الأقل بهذا المعنى، إذ مفاده عدم تقيده بوجود المشكوك فيه فحسب، فدعوى أن مدلوله عين إطلاق الأقل وليس لازما لجريانه حتى يكون من الأصل المثبت مخدوشة، لما تقدم من أن الاطلاق - أي اعتبار لا بشرط - ليس مدلول أصالة البراءة، إلا مع انضمام أمر آخر إليه وهو القطع بعدم تقيد الأقل في المقام بعدم الأكثر، فيصير الاطلاق بهذه المئونة من لوازم نفي الأكثر بالأصل، هذا.
لكن يمكن أن يقال: ان حقيقة الاطلاق وان كانت كما أفاده (قده) نفى التقيد بالوجود والعدم، وأن مدلول حديث الرفع عدم التقيد بالوجود فقط، الا أنه لا يتوقف مع ذلك جريان الأصل على القول بالأصل المثبت، حيث إن الغرض من التمسك بالأصل مع اقتضاء العلم الاجمالي لشغل الذمة وعدم جريان قاعدة القبح هو تحصيل المؤمن على ترك الأكثر على تقدير كونه متعلق الطلب واقعا، فالمقصود من التمسك بالبراءة الشرعية نفي جزئية المشكوك فيه ظاهرا وإثبات عدم تقيد الأقل بوجود الجز المشكوك فيه. وأما عدم تقيده بعدم الأكثر فهو أمر معلوم