منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ١٧٦
ومنها: ما في التقريرات أيضا من إباء الذوق المستقيم عن الحكم بوجوب الاجتناب عن الملاقي دون الملاقي مع أن التكليف فيه آت من قبله.
ومنها: أنه يلزم انفكاك المسبب عن سببه، مع أن الملازمة واقعية، توضيحه:
أن مقتضى عدم منجزية العلم الثاني لوجوب الاجتناب عن الملاقى عدم كونه طرفا للعلم الاجمالي وجريان أصالة الطهارة فيه والتعبد بطهارته ظاهرا، ومقتضاه التعبد بالطهارة الظاهرية في الملاقي أيضا، لئلا يلزم انفكاك المسبب عن سببه، فان نجاسة الملاقي مسببة عن نجاسة ملاقاة واقعا، فلو حكم الشارع بطهارته ظاهرا لعدم كونه طرفا لعلم إجمالي منجز فلا بد من الحكم بطهارة ملاقيه ظاهرا أيضا، قضية للتلازم بينهما حكما، وهذا لا يجتمع مع ما فرض من وجوب الاجتناب عنه عقلا من باب المقدمة العلمية. ومقتضى طهارة الملاقي عدم جريان أصالة الطهارة في الملاقى، لدوران النجس المعلوم إجمالا بينه وبين ما هو في عرضه، فيتساقط الأصلان فهما بالمعارضة. وعليه فلازم الحكم بطرفية الملاقي للعلم الاجمالي هذا المحذور المحال، بخلاف ما إذا انحصر الطرف في الملاقى وما هو في عرضه.
وأجيب عن الأول بأن العلم وان كان طريقا إلى متعلقه وكاشفا عنه، الا أنه انما يكون كذلك بالنسبة إلى خصوص الآثار الشرعية المترتبة على متعلقه، كما لو علمنا بنجاسة هذا الاناء من قبل يومين، فان مقتضاه الحكم بنجاسة ملاقيه من زمان الملاقاة لا من زمان العلم، لكونه نجاسته حكما واقعيا لا دخل فيه لعلم المكلف وجهله به، دون الأثر العقلي المترتب على نفس العلم وهو التنجيز الذي يترتب عليه استحقاق العقوبة، فان موضوع التنجز هو قيام الحجة الذاتية أو الجعلية على الوظيفة الفعلية،