منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ١٥٦
الثاني: اختصاص الملاقاة ببعض الأطراف، فالملاقي لجميعها أو لأكثر من عدد المعلوم بالاجمال - كملاقاته لثلاثة من أربعة مع كون المعلوم اثنين - واجب الاجتناب، لكونه معلوم النجاسة تفصيلا، وهو خارج عن حيز هذا البحث، كخروج الملاقي المتعدد بمقدار عدد الملاقى عن حريمه، وقد أشرنا إلى هذا الامر في التعليقة على قول المصنف: (ملاقاة شئ مع أحد أطراف النجس).
الثالث: أنهم لما بنوا نزاع وجوب الاجتناب عن الملاقي وعدمه على الخلاف في وجه نجاسة ملاقي النجس، وأنه هل هو التعبد أم السراية، فعلى الأول لا يجب الاجتناب عن ملاقي بعض أطراف العلم الاجمالي، وعلى الثاني يجب ذلك، فلا بأس بالتعرض إجمالا للخلاف المزبور حتى تظهر حقيقة الحال.
فنقول: لا إشكال نصا وفتوى بل وضرورة في نجاسة ملاقي النجس و لزوم الاجتناب عنه، وانما الخلاف في وجه نجاسته وأنه هل هو التعبد المحض بمعنى كون نجاسة الملاقي مجعولا شرعيا بالاستقلال في قبال جعل النجاسة للملاقى وفي عرضه، نظير تشريع النجاسة للخنزير والكافر؟ أم السراية يعني سراية النجاسة من الملاقى إلى الملاقي، وهي اما بنحو الاكتساب بمعنى كون نجاسة الملاقي ناشئة ومسببة عن نجاسة الملاقى كتسبب حرارة الماء عن حرارة النار، و عليه فتكون نجاسة الملاقي في طول نجاسة الملاقى لا في عرضها.
واما بنحو الانبساط بمعنى اتساع دائرة النجاسة وصيرورة نجاسة الملاقي من مراتب نجاسة الملاقى، بل هي عينها كانقسام النجس إلى قسمين، فلا تكون نجاسة الملاقي فردا آخر في عرض نجاسة الملاقي كما في التعبد المحض وهي الصورة الأولى، ولا ناشئة عن الملاقى وفي طول نجاسته كما هو مقتضى المعنى الأول من السراية، وانما هي