خروج عن ذي الرقبة ورسم العبودية فهو بذلك يصير ظالما وفاعل الظلم يستحق الذم من العقلاء والعقاب من الشارع بادراك من العقل.
الثالث: بملاحظة العلاقة اللزومية بمعنى ان أفعال العباد لما لها من الصور في هذا العالم تكون مادة لصور في عالم الآخرة ملائمة أو منافرة تستعد لإفاضة صورة كذائية، ولكن الأخير مخالف لظاهر الآيات والروايات، فالمتعين هو الأولان.
واما المورد الثاني: فالمشهور بين المتكلمين على ما نسب إليهم ان الثواب انما هو بالاستحقاق والمفيدره بنى على أنه بالتفضل وتبعه المحقق النائيني وجمع من المحققين.
واستدل المحقق النائيني (ره) له بان إطاعة المولى والعمل على وفق العبودية لازم يحكم العقل وامتثال العبد لأوامر مولاه جرى منه على وظيفته لئلا يكون ظالما له وليس هو في عمله أجيرا للمولى حتى يستحق عليه شيئا.
ويرد عليه انه أخص من المدعى لاختصاصه بالواجبات ولا يعم المستحبات واستحقاق الثواب انما هو بملاك واحد.
والحق ان الثواب انما هو بملاحظة أحد أمور ثلاثة، اما بلحاظ جعل الشارع، أو بملاحظة درك العقل العملي، أو بملاحظة العلاقة اللزومية على ما مر في العقاب، واطلاق الاستحقاق بلحاظ الأول من جهة ان العبد بعمله بعد جعل الشارع يستحق ما جعله له، وبلحاظ الثاني من جهة ان العبد بعمله يصير موردا للمدح بمعنى انه لو أثيب يكون الثواب واقعا في محله، وبلحاظ الثالث من جهة اقتضاء المادة القابلة لإفاضة الصورة الكذائية، وحيث إن الثالث مخالف لظاهر الآيات والروايات والأصحاب غير متلزمين بذلك فلا يبعد ان يكون النزاع لفظيا لان المراد من الاستحقاق الذي ينفيه المفيد (ره) ومن تبعه هو اللزوم على المولى بحيث لو لم يثب على الطاعة فقد ظلم، وبعبارة أخرى ثبوت حق للمكلف على المولى كما يثبت حق للمستأجر على المؤجر، ولا أظن أن يكون هذا مراد المشهور من الاستحقاق، بل الظاهر أن مرادهم به الأهلية واللياقة للثواب، وان اعطاء الثواب للمطيع ليس كاعطائه للعاصي تفضلا صرفا بل ثواب واقع في محله.
وهذا المعنى من الاستحقاق لا أظن أن ينفيه المفيد ومن تبعه.