واما المقام الثاني: فالكلام فيه في موردين الأولى في العقاب. الثاني في الثواب.
اما الأول: فقد ذهب جمع من المحققين إلى أنه لا عقاب على مخالفة الامر الغيري من حيث هو. واستدل له بوجهين.
أحدهما: ما افاده المحقق الخراساني (ره) وهو ان العقاب دائر مدار البعد عن الله غير المتحقق عند مخالفة التكليف الغيري فلا عقاب عليها. وفيه ان البعد المعنوي على فرض تعقله لا نتصور له معنى سوى معصية الله الصادقة على عدم الاتيان بما تعلق به التكليف الغيري، مع أنه لو سلم كونه شيئا آخرا فالعقاب لا يترتب عليه وانما هو اثر لمخالفة المولى وعدم العمل بما عينه من الوظيفة.
واما ما افاده في وجه العقاب بقوله لا بأس باستحقاق العقوبة على المخالفة عند ترك المقدمة الخ فيرد عليه انه لو كان العقاب على مخالفة التكليف النفسي فما دام لم يخالف التكليف وان صارت المخالفة لازمة عليه لترك المقدمة لا وجه لاستحقاقه العقوبة لأنه من قبيل القصاص قبل الجنابة.
الوجه الثاني: ما افاده المحقق العراقي (ره) وهو انه لأجل عدم ترتب غرض عليه لا يعاقب على مخالفته، وفيه ما تقدم آنفا من عدم دوران العقاب مدار الغرض، وانما يدور مدار مخالفة المولى وعصيانه وهتك حرمته والتجاوز عن حد العبودية الصادقة على ترك المأمور به بالامر الغيري، فالأظهر استحقاق العقاب على مخالفة التكليف الغيري من حيث هو.
واما المورد الثاني: ففيه أيضا خلاف، والأظهر هو ترتب الثواب على موافقة الامر الغيري، وبعين الملاك الذي يحكم باستحقاق من وافق التكليف النفسي، وهو ان موافقة امر المولى والآتيان بما تعلق به انما يكون تعظيما له ويكون هذا الفعل اظهارا لعظمة المولى، فيكون مستحقا للثواب، يحكم بان الاتيان بالمور به بالامر الغيري يوجب استحقاق الثواب.
واما ذكر في وجه ذلك من أن الثواب على فعل المقدمة انما هو لكونه شروعا في إطاعة الامر النفسي، فغير سديد: لعدم كونه شروعا في الإطاعة بل في مقدماتها.