إذا كان المولى في مقام البيان ولم ينصب قرينة على تقييد الواجب كالصلاة يقيد، فيتمسك باطلاق دليل الصلاة لاثبات عدم تقييدها به، ولازم ذلك هو عدم كون ما شك في قيديته واجبا غيريا، وقد ثبت في محله ان الأصول اللفظية تثبت لوازمها.
والمشهور هو التمسك باطلاق دليل وجوب ما علم وجوبه وتردد امره بين كونه واجبا غيريا، أو نفسيا كاطلاق ما تضمن الامر يغسل الجنابة، ويثبت به وجوبه النفسي، توضيح ذلك أن الواجب النفسي وان كان في عالم الثبوت كالواجب الغيري مقيدا بقيد حيث إنه الواجب لما يترتب عليه من المصلحة وليس هو الواجب المطلق غير المقيد، الا انه في مقام الاثبات، بما ان الواجب النفسي لا يحتاج إلى التنبيه على قيده، بخلاف الواجب الغيري، فلو كان غسل الجنابة واجبا نفسيا لما احتاج إلى أزيد من الامر به، بخلا ما إذا كان واجبا غيريا فإنه يحتاج إلى التنبيه على أن وجوبه مقيد بما إذا وجب ذلك الغير، فمقتضى الاطلاق ومقدمات الحكمة البناء على أنه واجب نفسي.
وأورد عليه، تارة بان مفاد الهيئة معنى حرفي وهو جزئي غير قابل للإطلاق والتقييد، فلا يصح التمسك باطلاقها، وأخرى بأنه لا ريب في اتصاف الفعل بالمطلوبية بالطلب المستفاد من الهيئة، ومن المعلوم ان الشئ لا يتصف بالمطلوبية الا بواسطة تعلق وقع الطلب وحقيقة الإرادة به لا بتعلق مفعوله به، فيستكشف من ذلك أن مفاد الهيئة فرد وهو لا يقبل التقييد، وكلا الايرادين منسوبان إلى الشيخ الأعظم (ره).
ولكن يندفع الايراد الأول بما تقدم في الواجب المشروط، وفي المعنى الحرفي من أن مفاد الهيئة ليس جزئيا، مع: انه أمكن للشيخ (قده) انكار الواجب المشروط لهذه الشبهة، ولكنه لا ينكر الواجب الغيري فلا محالة يلتزم برجوع القيد إلى نتيجة الجملة وهو وجوب ذلك الشئ المستفاد من الدليل، وعليه فيتمسك باطلاقها لنفيه.
واما الايراد الثاني: فقد أجاب عنه المحقق الخراساني (ره) بقوله ففيه ان مفاد الهيئة كما مرت الإشارة إليه ليس الافراد بل هو مفهوم الطلب كما عرفت تحقيقه في وضع الحروف ولا يكاد يكون فرد الطلب الحقيقي والذي يكون بالجمل الشايع طلبا والا لما صح انشائه بها ضرورة انه من الصفات الخارجية الناشئة من الأسباب الخاصة. نعم ربما