في النزاع في اجزاء الاتيان بالمأمور به عن امره، واما النزاع الاخر الذي هو المقصود المهم في عقد هذه المسألة، وهو ان الاتيان بالمأمور به الاضطراري أو الظاهري، هل بكون مجزيا عن الامر الواقعي الاختياري أم لا فعدم ارتباط تلك المسألة بهذه واضح: إذ النزاع حينئذ في هذه المسألة في اغناء المأمور به بأمر عن المأمور به بأمر آخر، واما في تلك المسألة، فالنزاع انما هو في الاكتفاء بفرد واحد وعدمه.
واما الثاني: فظاهر ما في الكفاية في بادي النظر، ان الفرق بين المسألتين، انما هو بكون إحداهما لفظية، والأخرى عقلية، ولكن ليس ذلك مراده قطعيا: فان مجرد ذلك لا يوجب عقد مسألتين، بل عقد مسألة واحدة يبحث فيها عن الجهتين معا، كما في مبحث البراءة، ولعل نظره الشريف إلى أن النزاع في المقام أجنبي، عن النزاع في تلك المسألة بالمرة، وذلك في النزاع الأول: في المقام واضح: حيث إن النزاع حينئذ في أن الاتيان بالمأمور به، هل يوجب سقوط الامر به أداءا وقضاءا أم لا؟ وفي تلك المسألة في أنه على فرض عدم الاتيان بالمأمور به هل الامر به يقتضى الاتيان به قضاءا أم لا؟
فموضوع إحدى المسألتين الاتيان، وموضوع الأخرى عدم الاتيان.
واما النزاع الثاني: في مسألة الاجزاء. فالظاهر أن الفرق بينه وبين مسألة التبعية أيضا واضح، فان الكلام في مسألة التبعية انما هو في أصل اقتضاء الامر للقضاء وعدمه، والكلام في مسألة الاجزاء، بعد الفراغ عن اقتضائه له أو ثبوت وجوبه بدليل آخر انما يكون في أن الاتيان بالمأمور به بالامر الظاهري أو الاضطراري هل يغنى عن قضاء المأمور به بالامر الواقعي الاختياري أم لا وبعد ذلك نقول يقع الكلام في مسائل ثلاث.
الأولى: ان الاتيان بالمأمور به هل يقتضى الاجزاء عن امره سواءا كان ذلك الامر أمرا واقعيا أو اضطراريا أو ظاهريا.
الثانية: ان الاتيان بالمأمور به بالامر به بالامر بالاضطراري هل يقتضى الاجزاء عن الامر الواقعي الاختياري أم لا؟
الثالثة: ان الاتيان بالمأمور به بالامر الظاهري هل يوجب الاجزاء عن الامر الواقعي أم لا؟