السيد المرتضى (قده) وبالجملة بناء العقلاء انما هو على أن المتكلم أراد ما يكون كلامه ظاهرا فيه، وعليه فإذا كان الكلام محفوفا بما يصلح للقرينية كان ذلك الكلام منعدم الظهور عندهم فيحكمون بالاجمال.
ومن تلك الموارد ما نحن فيه: إذ ورود الامر عقيب الحظر أو توهمه مما يحتمل عند العقلاء كونه قرينة على عدم إرادة المتكلم الوجوب من الصيغة بناءا على كونها ظاهرة فيه بنفسها وضعا أو انصرافا على ما تقدم من المحقق الخراساني وعلى كون الامر مما يجوز ترك متعلقه، بناءا على كونه يحكم العقل كما هو المختار - وبعبارة أخرى - ان وقوع الامر عقيب الحظر يصلح ان يكون قرينة على الترخيص في الترك ومعه لا يحكم العقل بلزوم الاتيان بمتعلقة، وان شئت قلت إن العقل انما يحكم بلزوم الاتيان إذا لم يكن الامر واردا في هذا المورد، فلا يحمل الامر الواقع الحظر أو توهمه على الوجوب على المسلكين.
فالقول ببقاء ظهوره في الوجوب ساقط.
كما أن القول بظهوره في الإباحة فاسد: إذ هو تحكم لعدم الدليل على ذلك من وضع أو غيره.
كما أن القول بتبعيته لما قبل النهى ان علق الامر بزوال علة النهى - كما في الآية الشريفة - (فإذا حللتم فاصطادوا) بعد أن الحكم السابق ارتفع بالنهي و عوده يحتاج إلى دليل - قول من غير دليل - وانما استفيد ذلك من الآية الشريفة بدليل آخر.
فتحصل ان الصيغة في هذا المورد فاقدة للظهور فلا أصل لفظي يرجع إليه في المقام، فلابد من الرجوع إلى الأصل العملي، ومؤداه يختلف باختلاف الموارد، فان المأمور به إذا كان عبادة احتمال الكراهة والإباحة منتف قطعا، إذ العبادة لا تكون مرجوحة ولا مباحة، والمفروض زوال الحرمة، فيدور الامر بين الاستحباب والوجوب فبضميمة قبح العقاب بلا بيان، يثبت الاستحباب فتدبر، وان كان غير عبادي يبنى على الإباحة، بناءا على جريان البراءة الشرعية في الاحكام غير اللزومية إذ تجرى البراءة عن الوجوب والكراهة والاستحباب فيثبت الإباحة.