والمحقق الخراساني لما رأى أن محل النزاع هو العلية والتأثير وان اتيان المأمور به يوجب سقوط الامر أم لا؟ اضافه إلى الاتيان وقال: ان المراد من الاقتضاء هيهنا الاقتضاء بنحو العلية والتأثير لا بنحو الكشف والدلالة.
وللمحقق الأصفهاني (ره) في المقام كلام، وهو ان الاتيان بالمأمور به لا يكون علة لسقوط الامر: إذ سقوط الامر انما يكون لحصول الغرض وعدم بقائه على غرضيته ودعوته والمعلول ينعدم بانعدام علته، والا الفعل لا يعقل ان يؤثر في سقوط الامر: لان الامر علة الوجود الفعل في الخارج فلو كان الفعل علة لسقوط الامر لزم علية الشئ لعدم نفسه بل سقوط الامر انما هو لتمامية اقتضائه وانتهاء أمده.
وفيه أولا: ان العلة والداعي لوجود الفعل، هو الامر بوجوده العلمي، وما هو معلول لحصول المأمور به سقوط الامر بوجوده الواقعي فليس وجود شئ علة لعدمه بل العلم بالامر علة لعدم الامر، وثانيا: ان المستحل كون وجود الشئ علة لعدم هذا الوجود، لاستلزامه اجتماع النقيضين: إذ العلة والمعلول مجتمعان في التحقق فيلزم كون الشئ موجودا ومعدوما في آن واحد وهو محال، واما علية وجود الشئ لعدم ذلك الشئ في الان الثاني، وبعبارة أخرى علية الحدوث لعدم البقاء فلا محذور فيها، بل هي متحققة - مثلا - إذا اتصل بدنه بالسلك الكهربائي مع وجود القوة فيه وتحرك، ولزم من هذا التحريك الانفصال، فهل يتوهم أحد ان هذا من قبيل علية الشئ لعدم نفسه فان الاتصال صار علة لعدمه، والمقام من هذا القبيل إذ وجود الامر في الان الأول: علة وداع لوجود الفعل، وهو يوجب سقوطه في الزمان الثاني فتدبر.
وأورد المحقق الخراساني على ما افاده من أن النزاع في العلية والتأثير: بان ذلك يتم بالنسبة إلى امره، واما بالنسبة إلى امر آخر كالاتيان بالمأمور به بالامر الاضطراري أو الظاهري بالنسبة إلى الامر الواقعي، فالنزاع في الحقيقة في دلالة دليلهما على اعتباره بنحو يفيد الاجزاء أو بنحو آخر لا يفيده.
وأجاب عنه - بما حاصله - ان النزاع الاخر يكون منحلا إلى نزاعين أحدهما: وفاء المأمور به بالامر الاضطراري أو الظاهري بتمام الغرض الداعي إلى الامر والواقعي