واستدلوا عليه أيضا بالصحيحين المتقدمين، بناء على فهمهم من لفظ " يرجع ميراثا " الصحة، إذ البطلان ليس فيه رجوع حقيقة، بل الشئ الموقوف باق على الملكية.
وفيه نظر، فإن إطلاق الرجوع ميراثا وإرادته حقيقة غير ممكن هنا قطعا، فإن المرجوع إليه إنما هو كونه ميراثا حقيقة، وهو شئ لم يكن في حال حياة الواقف أصلا إلا مجازا، فإذا لم يمكن إرادة الحقيقة تعين المجاز.
فيحمل الرجوع على ما يجتمع مع البطلان، بقرينة السؤال في الأول، حيث سئل عن صحة هذا الوقف مع ما هو عليه من كونه صدقة، فلو لم يحمل الجواب على هذا لما طابق للسؤال، وما كان جوابا عنه فلم يبق إلا الأدلة الأولة من الإجماع، وهو معارض بمثله من إجماع الحلي المتقدم.
والعمومات، وهي مخصصة بظاهر الصحيحين وغيرهما مما قدمناه.
إلا أن الشهرة المحكية في كلام جماعة والظاهرة من فتاوى الجماعة عاضدت أدلة الصحة ورجحتها على الأدلة الأولة، سيما مع ما في بعضها - كالصحيحين - من ضعف الدلالة، وعدم النصية، التي هي المناط في تخصيص الأدلة القطعية من عمومات الكتاب والسنة، مع ظهور ثانيهما في اشتراط الموت في أصل الرجوع، وهو ظاهر في عدمه قبله، وهو عين مقتضى الصحة.
فالقول بالصحة لا يخلو عن قوة، مع أنه أحوط في الجملة.
وعليه، فلا ريب في الرجوع مع الحاجة.
ولو مات ولم يحتج فهل يرجع إلى ورثة الواقف فيكون حبسا، كما عن النهاية (1) والقاضي (2)، أم لا يرجع ويكون وقفا كما عن الباقين؟ وجهان،