لكنهم - كما قيل - صرحوا بأنه لا يحصل التعويض بمجرد البذل، بل لا بد من قبول الواهب له، وكون البذل عوضا عن الموهوب، قالوا: لأنه بمنزلة هبة جديدة، ولا يجب عليه قبولها ومقتضاهما أيضا عدم الفرق في العوض بين كونه قليلا أو كثيرا من بعض الموهوب أو غيره، وصرح به في المسالك، قال: عملا بالإطلاق، والتفاتا إلى أنه بالقبض بعد العقد مملوك للمتهب، فيصح بذله عوضا عن الجملة (1).
ويمكن أن يقال: إن المتبادر من المعاوضة هو كون أحد العوضين غير الآخر، ولو تم ما ذكره للزم أنه لو دفعه المتهب بجميعه إلى الواهب بعد القبض لصدق المعاوضة، مع أنه لا يسمى ذلك معاوضة عرفا، وإنما يسمى ردا.
ولا فرق بين دفع البعض ودفع الكل، فإن كان ما ذكره إجماعا، وإلا فإن للمناقشة فيه - كما عرفت - مجالا.
* (وفي) * جواز * (الرجوع) * للواهب في هبته للأجنبي بعد القبض * (مع التصرف) * منه فيها في غير الصور الثلاث المستثناة * (قولان، أشبههما الجواز) * مطلقا، وفاقا للإسكافي (2) والديلمي (3) والحلبي (4) وابن زهرة العلوي، مدعيا عليه إجماع الإمامية (5). وهو الحجة، مضافا إلى استصحاب الحالة السابقة، وهي جواز الرجوع فيها، الثابت بما تقدم من الأدلة، وعموم النصوص المتقدمة، الدالة على جوازه في مطلقها، خرج منها ما مضى، وبقي ما عداه فيه داخلا.