جعل الحرمة له من قبل الشارع فلا يلزم أن يكون في ذرائعها مفاسد أيضا ليلزم وضع الحرمة على وفقها ودعوى أن المتلازمين يجب ان يأخذا حكما واحدا، لا مأخذ لها كما سبق شرحه، إذ لا يلزم فيهما ان يكونا متحدين من حيث اشتمالهما على ملاك الحكم ليتحدا في الحكم، وغاية ما تلزم به الملازمة أن لا يفترقا في حكمهما على نحو الوجوب والحرمة لتعذر امتثالهما معا، وفي هذا الحال تعود المسألة إلى صغريات باب التزاحم الآمري الذي يدعو إلى الموازنة في مقام الثبوت لدى الآمر نفسه، واختيار أصلحهما للمكلف.
نعم، قد يقال بأن الهدف من جعل الاحكام، هو جعل الدواعي في نفوس المكلفين لامتثال تكاليف المولى، وإنما جعلت الاحكام على الذرائع توفيرا لدواعي امتثال ما تفضي إليه.
ولكن هذا القول أيضا لا مأخذ له، لان الدواعي إلى الامتثال إن أحدثها الامر بذي المقدمة أو النهي عنها، فالامر بالمقدمة لا يصنع شيئا ولا يولد داعيا للزوم تحصيل الحاصل وإن لم يحدثها - لتمرد المكلف على مولاه - فألف أمر بالمقدمة لا يؤثر شيئا ولا يحدث داعيا.
والظاهر أن هذه هي وجهة نظر أساتذتنا المتأخرين الذين ذهبوا إلى عدم وجوب المقدمة كالسيد الحكيم والشيخ الأصفهاني والسيد الخوئي.
وقد ذكر الشيخ المظفر نسبة هذه الرأي إليهم، واستدل له بقوله:
(وذلك لأنه إذا كان الامر بذي المقدمة داعيا للمكلف إلى الاتيان بالمأمور به فإن دعوته هذه - لا محالة بحكم العقل - تحمله وتدعوه إلى الاتيان بكل ما يتوقف عليه المأمور به تحصيلا له، ومع فرض وجود هذا الداعي في نفس المكلف لا تبقى حاجة إلى داع آخر من قبل المولى مع علم المولى، حسب الفرض بوجود هذا الداعي، لان الامر المولوي،