ويجتهد في تحقيقها في الفرع (1))، ومثل له بالاجتهاد في القبلة وهو معلوم بالنص، والاجتهاد إنما يكون في تشخيص القبلة من بين الجهات، وكذلك تعيين الامام، والعدل، ومقدار الكفايات في النفقات ونحوها.
ثانيهما: (ما عرف علة الحكم فيه بنص أو إجماع، فيبين المجتهد وجودها في الفرع باجتهاده مثل قول النبي (صلى الله عليه وآله) في الهرة انها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات جعل الطواف علة، فيبين المجتهد باجتهاده وجود الطواف في الحشرات من الفأرة وغيرها ليلحقها بالهر في الطهارة، فهذا قياس جلي قد أقر به جماعة ممن ينكر القياس (2)).
والأول من النوعين موضع اتفاق المسلمين على الاخذ به، إلا أن اعتباره من قبيل تحقيق المناط مما لا يعرف له وجه، لأنه لا يزيد على كونه اجتهادا في مقام تشخيص صغريات موضوع الحكم الكبروي، وليس هو اجتهادا في تشخيص علة الأصل في الفرع لينتظم في هذا القسم، فعده قسما من تحقيق المناط لا يبدو له وجه، ولقد استدرك بعد ذلك فنفى هذا القسم من تحقيق المناط عن القياس لان (هذا متفق عليه، والقياس مختلف فيه (3)) والأنسب تعليله بعدم انطباق مفهوم القياس عليه، لان الاتفاق والاختلاف لا يغير من واقع الأشياء إذا كان مفهومها متسعا له، ثم علل سر الاتفاق عليه - فيما يبدو - بأن (هذا من ضرورة كل شريعة، لان التنصيص على عدالة كل شخص وقدر كفاية الاشخاص لا يوجد (4))، وكأن مراده أن جميع القضايا الشرعية إنما وردت على سبيل القضايا الحقيقية لا القضايا الخارجية، فلا تتكفل تشخيص وتعيين موضوعاتها خارجا، وإنما يترك تشخيص الموضوعات إلى المكلفين أنفسهم بالطرق والقواعد المجعولة من قبل الشارع لذلك، ومن