وأهم ما يمكن ان يستدل لهم به ما سبق عرضه من الشبه حول جعل الأحكام الظاهرية من لزوم اجتماع المثلين أو النقيضين، وقد سبق الجواب عليها في تقسيمات الحكم من هذا الكتاب (1).
(1).
ولكن الآمدي صور إشكالهم بصورة أخرى، ودفعه على مبناه في التصويب، يقول: (إذا اختلفت الأقيسة في نظر المجتهدين فإما أن يقال بأن كل مجتهد مصيب فيلزم منه أن يكون الشئ ونقيضه حقا وهو محال، وأما ان يقال بأن المصيب واحد وهو أيضا محال فإنه ليس تصويب أحد الظنين مع استوائهما دون الآخر أولى من العكس (2))، ثم دفع هذا الاشكال على مبناه في التصويب، ورفع التناقض باختلاف الموضوع، لان موضوع أحد الحكمين هو ظن أحد المجتهدين، وموضوع الحكم الآخر هو ظن المجتهد الثاني ومع اختلاف الموضوع لا تناقض لاشتراطهم في امتناع اجتماع النقيضين وحدة الموضوع بالإضافة إلى الوحدات الاخر (3)، وهذا الجواب صحيح بناء على صحة القول بالتصويب، وستأتي مناقشتنا لهذا المبنى في مبحث الاجتهاد والتقليد، أما على مبنى المخطئة القائلين بأن الاحكام تابعة لواقعها التي قد يصيبها أحد القائسين وقد لا يصيبها، كما إذا كانت العلة في واقعها غير ما انتهيا إليها فإن الاشكال يحتاج إلى جواب.
وأظن أن الجواب يتضح مما انتهينا إليه من إنكار جعل الأحكام الظاهرية ، وأن المجعول فيها ليس هو إلا المعذرية أو المنجزية، ولا علاقة لها بإصابة الواقع وعدمها ليسلم لهم هذا الترديد، وعلى فرض جعل الأحكام الظاهرية فهي مجعولة في طول الأحكام الواقعية، ولا تدافع