الساقط، ولا موجب لسقوط أصل الخطاب، لأن التزاحم لم ينشأ من وجود الخطابين بل من إطلاقهما. ولكن في المسألة قول بسقوط أصل الخطابين، ولمكان تمامية الملاك في باب التزاحم العقل يستكشف خطابا تخييريا آخر بعد سقوط الخطابين الأصليين. وهذا القول وإن كان قد زيفناه في محله، إلا أنه بناء عليه يكون الخطاب التخييري الذي استكشفه العقل من تمامية الملاك بعد سقوط الخطابين الأصليين كالخطاب التخييري المجعول ابتداء بحسب أصل التشريع، ويندرج في القسم الأول، وذلك واضح.
القسم الثالث: التخيير الناشئ عن تعارض الحجتين وتنافي الطريقين - كتعارض فتوى المجتهدين المتساويين ومؤدى الخبرين مع تساويهما في مرجحات باب التعارض - فبناء على المختار في باب الطرق والأمارات: من أن المجعول فيها نفس الحجية والطريقية والوسطية في الإثبات من دون أن يحدث في مؤدى الطريق مصلحة بسبب قيام الطريق عليه بل المؤدى باق على ما كان عليه قبل قيام الطريق من الحكم، يكون الأصل في باب التعارض التساقط وعدم حجية كل منهما بالنسبة إلى المؤدى، والتخيير في الأخذ بأحد المتعارضين يكون لمحض التعبد من جهة الأخبار الآمرة بالتخيير عند تعارض الروايات وفقد المرجحات، فهذا قسم آخر من التخيير أجنبي عن القسم الأول والثاني.
وأما بناء على ما ينسب إلى المشهور من القدماء: من القول بالسببية في باب الطرق والأمارات وأن قيام الأمارة يوجب حدوث مصلحة في المؤدى غالبة على ما كان عليه من الملاك عند مخالفتها للواقع (1) فالتخيير بين الأمارتين