عدم تحققه، لا من جهة استصحاب العدم إذ ربما لا يكون لذلك الشئ حالة سابقة قابلة للاستصحاب، بل من جهة الملازمة العرفية بين تعليق الحكم على أمر وجودي وبين عدمه عند عدم إحرازه، وهذه الملازمة تستفاد من دليل الحكم ولكن لا ملازمة واقعية، بل ملازمة ظاهرية، أي في مقام العمل يبنى على عدم الحكم مع الشك في وجود ما علق الحكم عليه.
ويترتب على ذلك فروع مهمة:
منها: البناء على نجاسة الماء المشكوك الكرية عند ملاقاته للنجاسة مع عدم العلم بحالته السابقة، كما لو فرض ماء مخلوق الساعة لم يعلم كريته وقلته، فان الحكم بالعاصمية قد علق في ظاهر الدليل على كون الماء كرا، كما هو الظاهر من قوله - عليه السلام - إذا بلغ الماء قدر كر لم يحمل خبثا أو لم ينجسه شئ (1) فلا يجوز ترتيب آثار الطهارة على ماء لم يحرز كريته عند ملاقاته للنجاسة، لأنه يستفاد من دليل الحكم أن العاصمية إنما تكون عند إحراز الكرية، لا من جهة أخذ العلم والإحراز في موضوع الحكم، بل من جهة الملازمة العرفية الظاهرية.
ومنها: أصالة الحرمة في باب الدماء والفروج والأموال، فان الحكم بجواز الوطي مثلا قد علق على الزوجة وملك اليمين، والحكم بجواز التصرف في الأموال قد علق على كون المال مما قد أحله الله، كما في الخبر " لا يحل مال إلا من وجه أحله الله " (2) فلا يجوز الوطي أو التصرف في المال مع الشك في كونها زوجة أو ملك اليمين أو الشك في كون المال مما قد أحله الله.
ومنها: غير ذلك من الفروع التي تبتنى على ما ذكرناه (3).