الزنا وإن كان يعم صورة الإكراه عليه وعدمه إلا أنه يختص بخصوص الزنا، كما أن ما دل على رفع الإكراه وإن كان يختص بالإكراه إلا أنه يعم الإكراه على الزنا وغيره، فلا وجه لتقديم ما دل على رفع الإكراه على ما دل على وجوب الجلد على الزاني فاسد، فان " حديث الرفع " يكون حاكما على أدلة الأحكام، فلا تلاحظ النسبة بينهما، كما لا تلاحظ النسبة بين أدلة الأحكام وبين ما دل على نفى الضرر والعسر والحرج. ولا فرق بين أدلة نفي الضرر والعسر والحرج وبين دليل رفع الاضطرار والإكراه ونحو ذلك، سوا أن الحكومة في أدلة نفي الضرر والعسر والحرج إنما تكون باعتبار عقد الحمل حيث إن الضرر والعسر والحرج من العناوين الطارية على نفس الأحكام فان الحكم قد يكون ضرريا أو حرجيا وقد لا يكون - كما أوضحناه بما لا مزيد عليه في محله - وفي دليل رفع الإكراه والاضطرار وغير ذلك إنما تكون باعتبار عقد الوضع، فإنه لا يمكن طرو الإكراه والاضطرار والخطأ والنسيان على نفس الأحكام، بل إنما تعرض موضوعاتها ومتعلقاتها، فحديث الرفع يوجب تضييق دائرة موضوعات الأحكام، نظير قوله - عليه السلام - " لا شك لكثير الشك " و " لا سهو مع حفظ الإمام " ونحو ذلك مما يكون أحد الدليلين متكفلا لما أريد من عقد وضع الآخر، وسيأتي في محله: أنه لا تلاحظ النسبة بين دليل الحاكم والمحكوم ولا قوة الظهور وضعفه، بل دليل الحاكم يقدم على دليل المحكوم وإن كانت النسبة بينهما العموم من وجه أو كان دليل المحكوم في المفاد أظهر من دليل الحاكم، ونتيجة كل حكومة هي التخصيص، فلا ينبغي التأمل في حكومة " حديث الرفع " على أدلة الأحكام، وتكون النتيجة تخصيص الأحكام بما عدا عروض العناوين الخمسة على موضوعات الأحكام ومتعلقاتها، فتأمل جيدا.
(٣٤٧)