(الأول) قوله " فلا يتم مراجعتها " فإن فيه دلالة على أن المراجعة بدون النكاح بعدها إذا كان قصده مجرد البينونة لا يقع، وهو موافق لما صرح به غيره من الأصحاب كما قدمنا ذكره، حيث أوردوا في الاستدلال صحيحة عبد الحميد الطائي (1) ورواية أبي بصير (2) وقد أوضحنا لك أنه لا دليل على عدم وقوع الرجعة، وإنما غاية ما يستفاد من الأخبار عدم صحة الطلاق خاصة، وحينئذ فتبقى بعد الرجعة على حكم الزوجية إذا طلقها ضرارا بغير جماع فيجب لها ما يجب للزوجة.
(الثاني) من جهة صحيحة أبي بصير التي هي كما عرفت معتمد ابن أبي عقيل وصريح عبارته، فإنها لا تندرج تحت هذا التأويل، حيث إنه (عليه السلام) قد علل فساد الطلاق الواقع على ذلك الوجه فيها بوجه آخر من كونه لم يقع في طهر الطلقة الأولى، وعلى هذا فيبقى الاشكال بحاله في المسألة، لدن الظاهر أن معتمد ابن أبي عقيل في الاستدلال على ما ذهب إليه إنما هو هذه الرواية كما أوضحناه آنفا، وهي غير منطبقة على شئ من هذه الوجوه الثلاثة التي نقلناها في الجمع بين أخبار المسألة وما عداها من الأخبار وإن دل بحسب الظاهر على مذهب ابن أبي عقيل، إلا أنه لم يستند إليه في الاستدلال ولم يصرح به، ومع هذا فإنه يمكن تطبيقه كما ذكرناه، وأما هذه الصحيحة فهي صريحة في مدعاه غير قابلة لذلك، مع كونها مشتملة على ما عرفت من إطلاق الطهر على خلاف ما هو المعهود من معناه في الأخبار وكلام الأصحاب، ولم أقف على ما تعرض للكلام فيها من المحدثين الذين نقلوها في كتب الأخبار، ولم ينقلها أحد في كتب الفروع الاستدلالية، بل لم يستوفوا الأخبار فيها بالكلية، ولا يحضرني الآن وجه تحمل عليه سوى الرد والتسليم لقائلها، وإرجاع الحكم فيها لعالم من آل محمد صلى الله عليه وآله.