فإنها وإن كانت مطلقة بالنسبة إلى ما ذكر من التفصيل، إلا أنها بالتأمل في مضامينها والتعمق في معانيها يظهر أنها إنما خرجت من ذلك القبيل.
أما صحيحة عبد الرحمن (1) فإنه إنما سئل عن الرجل إذا طلق فهل له أن يراجع أم لا؟ فأجاب (عليه السلام) لا يطلق التطليقة الأخرى حتى يمسها " وأنت خبير بأن هذا الجواب بحسب الظاهر غير منطبق على السؤال، والظاهر أنه (عليه السلام) فهم من السائل بقرينة حالية، وإن لم ينقل في الخبر أن مراده السؤال عن الرجعة بمجرد إيقاع الطلاق بعدها، فأجاب (عليه السلام) بالنهي عن هذا الطلاق على هذا النحو، إلا أن يمسها كما فعل الباقر (عليه السلام) فيما تقدم من حديث أبي بصير، ومعناها يرجع إلى معنى رواية أبي بصير كما أوضحناه سابقا.
وأما رواية المعلى (2) فالظاهر أن غرض السائل أنه هل يصح الطلاق من غير رجعة، بمعنى أنه يترتب عليه ما يترتب على المواقع بعد الرجعة من البينونة ونحوها؟ وغرضه من ذلك استعلام ما لو قصد البينونة بالطلاق على هذا النحو، فإنه لا ثمرة للطلقة الثانية لو صحت إلا قصد ذلك وحصوله، فأجاب (عليه السلام) بأنه لا يقع الطلاق الثاني على هذا الوجه إلا مع الجماع بعد المراجعة.
وأما موثقة إسحاق بن عمار (3) فهي صريحة في ذلك، فإن إيقاع ذلك في يوم أو في طهر دليل على كون الباعث على تلك الرجعة هو مجرد قصد البينونة، فلذا نسبه إلى مخالفة السنة.
بقي هنا شئ وهو أن هذا الوجه وإن اجتمعت عليه أدلة القول المشهور وكذا هذه الروايات الثلاث بالتقريب الذي عرفته، لكن يبقى الاشكال في كلامه - رحمة الله عليه - من وجهين: