لهم: أين وجدتم هذا التقسيم أفي قرآن أم في سنة صحيحة. أو سقيمة أو موضوعة. أو في اجماع أو دليل اجماع، أم في قول صاحب، أم في قول أحد قبلكم، أم في قياس، أم في رأي يصح؟ فلا سبيل لهم إلى وجود ذلك في شئ مما ذكرنا لأنهم (ان قالوا) حرم الله تعالى الخمر في القرآن (قلنا) نعم فمن أين وجدتم أنتم الحد في السكر مما ليس خمرا عندكم بل هو حلال عندكم طيب وهو مطبوخ عصير العنب إذا ذهب ثلثاه ونقيع الزبيب ونقيع التمر إذا طبخا ولا خمر ههنا أصلا (فان قالوا): جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم السكران إذ أتى به ورووا حديث الخمر بعينها والسكر من غيرها أو من كل شراب وأشربوا في الظروف ولا تسكروا وما كان في معنى هذه الأخبار (قلنا لهم): وبالله تعالى التوفيق فأنتم أول من خالف ذلك فإنكم لا ترون الحد على من وجد سكران وأيضا فهل وجدتم أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله مماذا سكر فان قال له من نبيذ عسل أو شراب شعير أو شراب ذرة أطلقه وقد كان كل ذلك موجودا كثيرا على عهده عليه السلام وان قال له من نبيذ تمر أو نقيع زبيب. أو عصير عنب حده هل جاء هذا قط في نقل صادق أو كاذب؟ فأنى لكم هذا التقسيم السخيف فعنه سألناكم وعن تحريمكم به وتحليلكم وعن إباحتكم به الأشياء المحرمة أو اسقاطكم حدود الله تعالى الواجبة؟ (فان قالوا): قد صح الاجماع على حد الشارب بعصير العنب الذي لم يطبخ إذا سكر واختلف فيما عداه (قلنا لهم) فمن أين أوجبتم الحد على من سكر من نبيذ التمر مطبوخا كان أو غير مطبوخ ومن نبيذ الرطب كذلك ومن نبيذ الزهو ومن نبيذ البسر ومن نبيذ الزبيب كذلك ولا إجماع في وجوب الحد عليه وقد روينا عن الحسن وغيره انه لا حد على السكران من النبيذ وكذلك عن إبراهيم النخعي وهو قول ابن أبي ليلى ولا يجدون أبدا قول صاحب ولا قول تابع بمثل هذا التقسيم وكذلك من اضطر إلى الخمر لعطش أو لاختناق فشرب منها مقدار ما يزيل عطشه أو اختناقه وذلك حلال له عندنا وعندهم فسكر من ذلك وهذا لا يقولونه فصح يقينا أن السكر لا حد فيه أصلا وإنما الحد والتحريم في المسكر سكر منه أو لم يسكر وقد نجد من يسكر من ثلاثة أرطال أو أربعة سكرا شديدا ونجد من لا يسكر من أزيد من عشرين رطلا من خمر ولا تتغير له حالة أصلا، وأما القذف بشرب الخمر فقد ذكرناه قبل هذا بأبواب وقد رجاء بن حياة وغيره إيجاب الحد فيه وبينا أن الحد لا يجب في ذلك إذ لم يأت به قرآن. ولا سنة. ولا اجماع وبالله تعالى التوفيق، وأما التعريض في القذف فقد ذكرناه في كلامنا في حد القذف وتقصينا هنالك أنه لا حد في التعريض لأنه لم يوجب الحد فيه قرآن ولا سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صحيحة ولا سقيمة. ولا اجماع لان الصحابة رضي الله عنهم اختلفوا
(٣٧٤)