فسقط تعلقهم بالآيات المذكورات وأما قياسهم إسقاط حد القذف على اسقاطهم عن الوالد حد الزنا في زناه بأمة ولده وعلى اسقاطهم عنه حد السرقة في سرقة مال ولده وعلى اسقاطهم القود عنه في قتله إياه وجرحه إياه في أعضائه فهذا قياس والقياس كله باطل لأنه قياس للخطأ على الخطأ ونظر للباطل بالباطل واحتجاج منه لقول لهم فاسد بقول لهم آخر فاسد لا يتابعون عليه ولا أوجبه نص. ولا اجماع بل الحدود والقود واجبان على الأب للولد في كل ما ذكرنا، وبالله تعالى التوفيق، فلما سقط قولهم لتعريه عن البرهان رجعنا إلى القول الثاني فوجدناه صحيحا لان الله تعالى قال: (والذين يرمون المحصنات) الآية فلم يقل تعالى الا الوالد لولده (وما كان ربك نسيا) فلو أن الله تعالى أراد تخصيص الأب باسقاط الحد عنه لولده لبين ذلك ولما أهمله حتى يتفطن له من لا حجة في قوله فصح يقينا أن الله تعالى إذ عم ولم يخص فإنه أراد أن يحد الوالد لولده والولد لوالده بلا شك ووجدناه تعالى يقول: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين) فأوجب الله تعالى القيام بالقسط على الوالدين والأقربين كالأجنبيين فدخل في ذلك الحدود وغيرها، وبالله تعالى التوفيق * حدثنا حمام نا ابن مفرج نا ابن الاعرابي نا الدبري نا عبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن أبيه عمر بن عبد العزيز عن عمر ابن الخطاب قال: لا عفو عن الحدود ولا عن شئ منها بعد أن تبلغ الامام فان إقامتها من السنة فهذا قول صاحب لا يعرف له مخالف منهم وهم يعظمون مثل هذا إذا خالف تقليدهم وقد خالفوه ههنا لان عمر بن الخطاب عم جميع الحدود ولم يخص * قال أبو محمد رحمه الله: وكذلك اختلفوا فيمن قذف أم ابنه فقال أبو حنيفة وأصحابه. والشافعي. وأصحابه: ليس للولد أن يأخذ أباه بذلك، وقال مالك: له أن يأخذه بذلك، وقال أبو حنيفة. والشافعي. وأصحابهما فيمن قذف أم عبد له ليس له أن يأخذ عبده الحد في ذلك، وقال أبو ثور. وأبو سليمان. وأصحابنا: له أن يأخذه بذلك والكلام في هاتين المسألتين كالكلام في التي قبلهما وقد بينا أن حد القذف حد لله تعالى لا للمقذوف فإذ هو كذلك فأخذه واجب على كل حال قام به من قام به من المسلمين لان الله تعالى أمر بجلد القاذف ثمانين لم يشترط به قائما من الناس دون غيره فكان تخصيص من خص بعض القائمين به دون بعض قولا في غاية الفساد وهو قول مخترع لهم ما نعلم أحدا من الصحابة رضي الله عنهم قال به ولا له
(٢٩٦)