والحمير، والخيل، والبغال، والوحش، والسباع، فلم أترك شيئا إلا سألته عنه، فقال: لا بأس به، حتى انتهيت إلى الكلب، فقال: رجس نجس لا تتوضأ بفضله، واصبب ذلك الماء، واغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء (1)، ولأن عدا ما ذكرناه طاهر الجسد، فلا ينجس الماء بشربه منه.
احتج الشيخ رحمه الله بما رواه عمار بن موسى الساباطي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن ماء يشرب منه الحمام، فقال: كل ما يؤكل لحمه يتوضأ بسؤره ويشرب (2)، قال (3): وهذا يدل على أن ما لا يؤكل لحمه لا يجوز الوضوء والشرب منه.
والجواب: أنه استدلال بالمفهوم، فلا يعارض المنطوق، ثم يدل على غير مطلوبه لأن السؤال وقع عن الحمام فقال عليه السلام كل ما يؤكل لحمه وهو يفهم منه أن المراد الحمام، وأيضا فالطريق ضعيف، سلمنا دلالة المفهوم، لكن يكفي في دلالة المفهوم مخالفة المسكوت عنه للمنطوق في الحكم الثابت للمنطوق، وهنا الحكم الثابت للمنطوق الوضوء بسؤر ما لا يؤكل لحمه والشرب منه، وهو لا يدل على أن كل ما لا يؤكل لحمه لا يتوضأ منه ولا يشرب بل جاز انقسامه إلى قسمين: أحدهما يجوز الوضوء به، والشرب منه، والآخر لا يجوز. فإن الاقتسام (4) حكم مخالف لأحد القسمين، ونحن نقول بموجبه، فإن ما لا يؤكل لحمه، منه الكلب والخنزير، ولا يجوز الوضوء بسؤرهما ولا شربه، والباقي يجوز.
لا يقال: لو ساوى أحد قسمي المسكوت عنه المنطوق في الحكم لانتفت دلالة المفهوم، ونحن إنما نستدل (5) بالحديث على تقديرها.