وفي الثاني: بأن إطلاق الأمر بالغسل ينصرف إلى ما يغسل به في العادة ولم تقض العادة بالغسل بغير الماء.
وأجاب عن الأول: بأن تطهير الثوب ليس بأكثر من إزالة النجاسة عنه، وقد زالت بغسله بغير الماء مشاهدة، لأن الثوب لا تلحقه عبادة.
وعن الثاني: بالمنع من اختصاص الغسل بما يسمى الغاسل به غاسلا عادة، إذ لو كان كذلك لوجب المنع من غسل الثوب بماء الكبريت والنفط وغيرهما مما لم تجر العادة بالغسل به، ولما جاز ذلك وإن لم يكن معتادا إجماعا.
علمنا عدم الاشتراط بالعادة، ولأن المراد بالغسل ما يتناوله اسمه حقيقة من غير اعتبار العادة (1).
والجواب عن الأول: إن المراد على ما ورد في التفسير لا تلبسها على معصية ولا على غدر فإن الغادر والفاجر يسمى دنس الثياب (2).
سلمنا: أن المراد بالطهارة المتعارف شرعا لكن لا دلالة فيه على أن الطهارة بأي شئ تحصل، بل دلالتها على ما قلناه: من أن الطهارة إنما تحصل بالماء أولى، لأن مع الغسل بالماء يحصل الامتثال قطعا وليس كذلك لو غسلت بغيره.
وقوله: (النجاسة قد زالت حسا) قلنا: لا يلزم من زوالها في الحس زوالها شرعا فإن الثوب لو يبس بلله بالماء النجس، أو بالبول لم يطهر وإن زالت النجاسة عنه، مع أنه أجاب رحمه الله حين سئل: (عن معنى نجس العين ونجس الحكم) بأن الأعيان ليست نجسة لأنها عبارة عن جواهر مركبة وهي متماثلة، فلو نجس بعضها لنجس سائرها فانتفى الفرق بين الخنزير وغيره، وقد علم خلافه،