أجمعت العصابة على ترك العمل بظاهره، وما يكون هذا حكمه لا يعمل به (1).
ثم تأول بعد ذلك الحديث على حمل الوضوء على التحسين وإن قرن بالصلاة إذ المراد أنه يتطيب للصلاة فإنه أفضل من قصد التلذذ حسب دون وجه الله تعالى (2).
وتأوله أيضا: بأن ماء الورد أراد به الماء الذي وقع فيه الورد، وإن لم يكن معتصرا منه كما يقال: ماء المصنع للمجاورة (3).
وعن الثاني: بالمنع من كونها طهارة من نجاسة حكمية أو عينية، بل هو تعبد شرعي فيقف على ما ورد فيه الإذن.
لا يقال: قد روى عبد الله بن المغيرة في الصحيح، عن بعض الصادقين، قال: إذا كان الرجل لا يقدر على الماء وهو يقدر على اللبن فلا يتوضأ باللبن إنما هو الماء أو التيمم (4) فإن لم يقدر على الماء وكان نبيذا فإني قد سمعت حريزا يذكر في حديث: أن النبي صلى الله عليه وآله قد توضأ بنبيذ ولم يقدر على الماء (5).
لأنا نقول: هذا الخبر لم يسنده عبد الله بن المغيرة إلى إمام، وقوله: " بعض الصادقين " لا ينصرف قطعا إلى الإمام بل ولا ظاهرا، ولأن الإجماع وقع على المنع من العمل به، ولو سلم فهو محمول على ماء ملح طيب بتمرات طرحت فيه حتى عذب ولم يخرجه عن إطلاق اسم الماء، لأن النبيذ لغة: هو ما ينبذ فيه الشئ. ويؤيده: ما رواه الكلبي النسابة أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن النبيذ، فقال: حلال، فقال: إنا ننبذه فنطرح فيه العكر وما سوى ذلك فقال:
شه شه تلك الخمرة المنتنة، فقلت له: جعلت فداك فأي نبيذ تعني؟ قال: إن