وجوب الحكم بشهادة الشاهدين بالنجاسة، ولا معارض لها، إذ التقدير إمكان الجمع فلا معارضة حينئذ، وبيان الثانية: ظاهر. ومع امتناع الجمع أن كل واحدة من الشهادتين تنافي الأخرى ويعلم قطعا كذب إحداهما وليس تكذيب إحداهما أولى من تكذيب الأخرى فيجب طرح شهادتهم للتنافي، والرجوع إلى الأصل، وهو الطهارة.
والجواب عما احتج به ابن إدريس: إن الشرع إنما أوجب قبول الشهادة مع عدم المكذب لها أما مع وجوده فلا.
لا يقال: نحكم بنجاسة إحدى الإنائين للعلم بصحة إحدى الشهادتين، فيكون بمنزلة الإنائين (1) المشتبهين.
لأنا نقول: نمنع حصول العلم بنجاسة أحد الإنائين، وصحة إحدى الشهادتين، لأن صحة الشهادة إنما يثبت مع انتقاء المكذب، أما مع وجوده فلا.
على أنه لو قيل بذلك كان وجها ولهذا يردهما المشتري سواء تعدد أو اتحد.
مسألة: إذا عجن بالماء النجس وخبز ذلك العجين لم يطهر ما لم تحله النار، وهو أحد قولي الشيخ رحمه الله (2).
وقال: بل يباع ذلك الخبز على مستحل الميتة، أو يدفن، أو يطرح في الماء للسمك (3).
وفي النهاية أنه يطهر لأن النار قد طهرته (4).
وفي موضع آخر منها أنه لا يطهر (5).
لنا: إنه محكوم بنجاسته قبل ملاقاة النار إجماعا فكذا بعدها قبل الإحالة (6).