الثاني: إنه يوهم أنه جعل النية مستحبة لأنه عطف على المستحب، وفيه نظر: فإنا قد بينا وجوب النية.
الثالث: أنه جعل وقتها عند إرادة الطهارة، فإن أراد بذلك حال غسل اليدين المستحب، أو غسل الوجه فهو جيد.
أما قوله: " لو غربت (1) النية عنه قبل ابتداء الطهارة ثم اعتقد ذلك وهو في عملها " فشئ قد نازع ابن إدريس فيه، وأوجب تقديم النية بجملتها على العبادة بحيث يقارن أول جزء من العبادة آخر جزء من النية (2).
والشيخ قال: وقت النية يستحب أن يفعل إذا ابتدأ في غسل اليدين ويتعين وجوبها إذا ابتدأ بغسل الوجه في الوضوء أو الرأس في غسل الجنابة، ولا يجزي ما يتقدم على ذلك (3).
وقول ابن إدريس: ليس بمعتمد، لأنه يجب أن يقصد بقلبه إيقاع الأفعال الصادرة عن القوى البدنية على الوجه المخصوص وليس في ذلك تكليف بما لا يطاق كما توهمه هو، فإن النية محلها غير محل الفعل.
مسألة: لو ضم نية الرياء إلى نية الفعل، فالوجه عندي أن طهارته غير مجزية، ويلوح من كلام السيد المرتضى الإجزاء لأنه استدل على الابتداء بالمرافق إما وجوبا كما ذهب إليه بعض علمائنا، أو استحبابا كما اختاره هو بما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال حيث توضأ مرة مرة: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به، قال: ولفظة مقبول يستفاد بها في عرف الشرع أمران: أحدهما:
الإجزاء، كقولنا: " لا يقبل صلاة بغير طهارة "، والأمر الآخر: الثواب عليها: كقولنا: " إن الصلاة المقصود بها الرياء غير مقبولة " بمعنى سقوط الثواب، وإن لم يجب إعادتها (4).