" نبط الماء ينبط وينبط نبوطا: نبع. وكل ما أظهر فقد أنبط. واستنبطه واستنبط منه علما وخبرا ومالا: استخرجه. والاستنباط: الاستخراج. واستنبط الفقيه: إذا استخرج الفقه الباطن باجتهاده وفهمه. قال الله - عز وجل -: لعلمه الذين يستنبطونه منهم. " (1) أقول: فكأن حكم الله - تعالى - ماء حياة أو شيء نفيس دفين في خلال مصادره و منابعه يستخرجه الفقيه منها.
وأما الاجتهاد، ففي لسان العرب:
" الاجتهاد والتجاهد: بذل الوسع والمجهود. وفي حديث معاذ: " أجتهد رأيي. " الاجتهاد بذل الوسع في طلب الأمر، وهو افتعال من الجهد: الطاقة، والمراد به رد القضية التي تعرض للحاكم من طريق القياس إلى الكتاب والسنة، ولم يرد الرأي الذي رآه من قبل نفسه من غير حمل على كتاب أو سنة. " (2) أقول: أما الحديث الذي أشار إليه فهو ما رواه أبو داود والترمذي وغيرهما: ففي سنن أبي داود بسنده عن أناس من أصحاب معاذ بن جبل أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما أراد أن يبعث معاذا إلى اليمن قال: " كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ " قال: " أقضي بكتاب الله. " قال:
" فإن لم تجد في كتاب الله؟ " قال: " فبسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " فإن لم تجد في سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا في كتاب الله؟ " قال: " أجتهد رأيي ولا آلو. " فضرب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صدره وقال: " الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله. " (3) وأما قوله: " من طريق القياس "، فلعله أراد به أعم من القياس والاستحسانات العقلية الظنية.