ومعاملة المسلمين للكفار أن الإسلام دين وسياسة معا، وهو دين عام عالمي أبدى و دين حق وعدالة، فيجب دعوة جميع الناس إليه والدفاع عنه وعمن أسلم في شرق الأرض وغربها. وأن جميع المسلمين أمة واحدة لا يحكم عليهم إلا الإسلام. وأن الكفر بشعبه أيضا ملة واحد، وهو يعاند بجميع شعبه الإسلام، فيجب أن يستعد المسلمون و يتجهزوا ويعدوا القوى في قبال الكفار وأن يتركوا موالاتهم واتخاذهم بطانة.
كل ذلك لأداء حق الله وحق الإنسانية والدفاع عن التوحيد وعن العدالة.
ولكن مع ذلك كله لو لم يقاتلوا المسلمين ولم يظاهروا عليهم جاز معاملتهم بالبر و القسط والتعاهد معهم إذا اقتضته مصلحة الإسلام والمسلمين. وهم ما داموا يوفون بعهدهم ومواثيقهم وجب على الحكومة الإسلامية والأمة المسلمة رعاية عهودهم و مواثيقهم، فهي من لوازم الإيمان والتقوى على ما ظهر من نص الكتاب العزيز.
نعم، إذا هم غدروا بالمسلمين ونقضوا العهد ارتفعت حرمتهم قهرا بما عملته أيديهم.
كما أنه لو ظهرت أمارات الغدر والخيانة فالصبر ربما يكون مخالفا للحزم والاحتياط و موجبا لسلطتهم على المسلمين على حين غفلة منهم.
فعلى حاكم المسلمين حينئذ إعلامهم بقطع العلاقات احتياطا للإسلام والأمة، و لا يجوز له قتالهم قبل الإبلاغ والإعلام:
قال الله - تعالى -: " الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون * فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون * وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء، إن الله لا يحب الخائنين. " (1)