لا نغدر بهم. " (1) ولما رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المدينة أتاه أبو بصير عتبة بن أسيد، وكان ممن حبس بمكة، فلما قدم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كتب فيه الأزهر والأخنس إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و بعثا رجلا من بني عامر ومعه مولى لهم فقدما على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بكتاب الأزهر و الأخنس، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " يا أبا بصير، إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت، و لا يصلح لنا في ديننا الغدر، وإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا و مخرجا فانطلق إلى قومك. " قال: يا رسول الله، أتردني إلى المشركين يفتنونني في ديني؟
قال: " يا أبا بصير، انطلق فإن الله - تعالى - سيجعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا. " (2) وقول سهيل: " لجت القضية "، أي تمت المعاهدة بيني وبينك.
فتدبر في اهتمام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعنايته بعهده، بحيث لا يرضى بالتخلف عنه ولو في طريق مصلحة بعض من آمن به والتجأ إليه.
22 - وفي وقعة صفين بعد ما أصر أكثر جند أمير المؤمنين (عليه السلام) على التحكيم واختيار أبي موسى الأشعري لذلك، واضطر أمير المؤمنين إلى قبوله، لما رجعوا عن ذلك وقالوا له (عليه السلام): " قد كانت منا زلة حين رضينا بالحكمين، فرجعنا وتبنا، فارجع أنت يا على كما رجعنا... "، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): " ويحكم، أبعد الرضا والميثاق والعهد نرجع؟ أوليس الله - تعالى - قال: " أوفوا بالعهد "، وقال: " وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا. " فأبى على (عليه السلام) أن يرجع (3). هذا.
وقد تحصل لك من جميع ما ذكرناه في هذا الفصل في السياسة الخارجية للإسلام