وخرجت به، وأتى رسول الله الخبر من السماء، فبعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوام فقال: أدركا المرأة، فخرجا حتى أدركاها فاستنزلاها فالتمسا في رحلها فلم يجدا شيئا، فقال لها على بن أبي طالب: إني أحلف بالله ما كذب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولاكذبنا، و لتخرجن الكتاب أو لنكشفنك، فلما رأت الجد منه قالت: أعرض، فأعرض فحلت قرون رأسها فاستخرجت الكتاب فدفعته إليه، فأتى به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حاطبا فقال: يا حاطب، ما حملك على هذا؟ فقال: يا رسول الله، أما والله إني لمؤمن بالله ورسوله، ما غيرت ولا بدلت، ولكني كنت أمرا ليس لي في القوم من أصل و لا عشيرة وكان لي بين أظهرهم ولد وأهل فصانعتهم عليهم. فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، دعني فلأضرب عنقه فإن الرجل قد نافق، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): وما يدريك يا عمر، لعل الله قد اطلع إلى أصحاب بدر يوم بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم، فأنزل الله - تعالى - في حاطب: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة. " انتهى ما في سيرة ابن هشام ملخصا. (1) وروى نحوه أبو داود في الجهاد من سننه وفيه: " فقال عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): قد شهد بدرا، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. " (2) وروى قصة حاطب أيضا علي بن إبراهيم في تفسيره في تفسير سورة الممتحنة (3)، و الطبرسي في مجمع البيان (4)، والبخاري في كتاب الجهاد (5). ويوجد في النقول اختلافات جزئية، فراجع.
ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يردع عمر عما اعتقده من جواز قتل المنافق المتجسس، بل لعله (صلى الله عليه وآله وسلم) قرره على ذلك ولكنه جعل سابقة حاطب في الإسلام وفي بدر مبررا