أقول: ورواه مع اختلاف أبو عبيد في الأموال (1) ورواه أيضا في مجموعة الوثائق السياسية. (2) وإنما ذكرناه بطوله لكونه أقدم عهد سياسي باق وأطوله في الإسلام والحجر الأساسي للحكومة الإسلامية، ويكون دليلا واضحا على بعد نظر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و عظمته السياسية، فقد ربط بهذا العهد جميع أهل المدينة من الأوس والخزرج واليهود، مع ما كان بينهم من التنازع والتناحر، وجعل منهم حصنا منيعا في قبال الكفر والشرك، و أسس لهم دولة عادلة تحت لوائه وحكمه.
والربعة وروى " رباعة " بالكسر والفتح: الحال والعادة التي كانوا عليها في الدماء و الديات. والعاني: الأسير. والمعاقل جمع المعقلة: الديات. والمفرح بفتح الراء: المثقل لدين أو دية أو فداء، فيجب على المسلمين أن يعينوه. والدسيعة: العطية العظيمة. و الظاهر أن معنى الجملة أنه يجب على المؤمنين أن يتعاونوا على دفع كل من طلب منهم عطية على وجه الظلم والإثم. والأسوة: العون، والتسلية، والمساواة. وفي النهاية:
" يعقب بعضها بعضا، أي يكون الغزو بينهم نوبا. " (3) ويبئ بمعنى يقر أو يرجع، ولعل الثاني أنسب، فيرجع معناه إلى معنى ما سبقه. وقوله: " لا يجير مشرك مالا لقريش و لا نفسا "، أي لا يجوز لمشرك من أهل يثرب أن يحمي مالا لقريش ولا نفسا. واعتبطه، أي قتله بلا جناية منه توجب قتله. والصرف: التوبة. والعدل: الفداء. " وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين "، أي يؤدون حصتهم من نفقة الحرب. لايوتغ، أي لا يهلك. لا ينحجز على ثار جرح، أي لا يمنع من طلب الجرح بقصاص أو دية. و " إن الله على أبر هذا "، أي على الرضا به ويكون مع من يكون أطوع لهذا العهد. دهم يثرب: هاجمها.