ويطالبه بالبينة لدعواه، كما اتفق ذلك في قصة درع أمير المؤمنين (عليه السلام) ومخاصمته في عصر خلافته مع رجل من اليهود عند شريح القاضي، وقد مر الحديث في مبحث المساواة أمام القانون، فراجع. (1) ولم يكتف الإسلام باحترام الأحياء من أهل الكتاب بل ترى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يحترم بنفسه أمواتهم ويأمرنا بذلك أيضا:
14 - ففي صحيح البخاري بسنده، عن جابر بن عبد الله، قال: " مر بنا جنازة فقام لها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقمنا به، فقلنا: يا رسول الله، إنها جنازة يهودي. قال: " إذا رأيتم الجنازة فقوموا. " (2) 15 - وفيه أيضا: " كان سهل بن حنيف وقيس بن سعد قاعدين بالقادسية، فمروا عليهما بجنازة، فقاما، فقيل لهما: إنها من أهل الأرض، أي من أهل الذمة، فقالا: إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مرت به جنازة فقام فقيل له: إنها جنازة يهودي، فقال: أليست نفسا. " (3) أقول: فهذا منطق الاسلام يرى للإنسان وحتى لجنازته بأي ملة ودين كان حرمة و شأنا ما لم يتجاوز على حقوق غيره. هذا.
وقد وجد اليهود والنصارى والمجوس في ظل الحكومات الإسلامية من كرامة العيش والحرمة في جميع مجالات الحياة: من السياسة والاقتصاد والحرية في اكتساب العلوم والصنائع ما لم يجدوه في ظل الحكومات المسيحية وغيرها. وقد كانت الدول المسيحية في أروبا يستعبدون اليهود ويذلونهم ويسومونهم سوء العذاب، وكانت البلاد الإسلامية ملجأ لهم وملاذا يتمتعون فيها بأحسن ما كان يتمتع به المسلمون، كما شهدت بذلك التواريخ. ولكنك رأيت في نهاية الأمر كيف جبروا