5 - وقال الشيخ في المبسوط:
" الهدنة والمعاهدة واحدة، وهو وضع القتال وترك الحرب إلى مدة من غير عوض. و ذلك جائز، لقوله - تعالى -: " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها "، ولأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صالح قريشا عام الحديبية على ترك القتال عشر سنين...
وليس يخلو الإمام من أن يكون مستظهرا أو غير مستظهر، فإن كان مستظهرا وكان في الهدنة مصلحة للمسلمين ونظر لهم بأن يرجو منهم الدخول في الإسلام أو بذل الجزية فعل ذلك، وإن لم يكن فيه نظر للمسلمين بل كانت المصلحة في تركه بأن يكون العدو قليلا ضعيفا وإذا ترك قتالهم اشتدت شوكتهم وقروا فلا تجوز الهدنة، لأن فيها ضررا على المسلمين.
فإذا هادنهم في الموضع الذي يجوز فيجوز أن يهادنهم أربعة أشهر بنص القرآن العزيز، وهو قوله - تعالى -: " فسيحوا في الأرض أربعة أشهر. " ولا يجوز إلى سنة و زيادة عليها...
فأما إذا لم يكن الإمام مستظهرا على المشركين، بل كانوا مستظهرين عليه، لقوتهم و ضعف المسلمين أو كان العدو بالبعد منهم وفي قصدهم التزام مؤن كثيرة فيجوز أن يهادنهم إلى عشر سنين، لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هادن قريشا عام الحديبية إلى عشر سنين، ثم نقضوها من قبل نفوسهم. " (1) أقول: والظاهر أن قوله: " من غير عوض " يريد به عدم اشتراط كون الهدنة بعضو، لا أن شرط العوض غير جائز.
6 - ولذا قال العلامة في التذكرة:
" المهادنة والموادعة والمعاهدة ألفاظ مترادفة، معناها وضع القتال وترك الحرب مدة بعوض وغير عوض. وهي جائزة بالنص والإجماع. " (2)