رفع اليد عن ظاهره ما لم يثبت الترخيص. نظير ما ذكروه في باب الأوامر والنواهي من وجوب حملهما على الوجوب والحرمة وإن شاع استعمالهما في الندب والكراهة أيضا. وقوله (عليه السلام): " يبيعه أحد غيرك "، لايراد به بيع واحد ولو لم يكن بقدر الكفاية، بل المراد أن يبيع غيره بقدر الكفاية بحيث لا يكون حبسه موجبا للضيق والشدة.
وقوله (عليه السلام): " لا بأس "، ظاهره نفي الكراهة أيضا، فيحمل على نفيها من حيث الاحتكار، وإلا فكون الكسب بيع الطعام عد بنفسه من المكروهات، لكونه مظنة للاحتكار، فراجع. (1) ويظهر من هذه الصحيحة أن الاحتكار المضر المنهي عنه هو الذي يصدر من قبل الأفراد أو الشركات التجارية التي تقدم على الحصار الاقتصادي بحيث يستقر جميع المتاع في قبضتهم ويعاملون معه كيف ما شاؤوا كما هو المعمول في عصرنا في الدول الكبرى الرأسمالية. وأما بائع الجزء الذي لا يوجب حبسه تأثيرا عميقا في السوق بحيث يستعقب فقد المتاع فلا يكون محتكرا.
2 - ما رواه الكليني بسنده عن حذيفة بن منصور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: " نفد الطعام على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأتاه المسلمون فقالوا: يا رسول الله، قد نفد الطعام و لم يبق منه شيء إلا عند فلان، فمره ببيعه. قال: فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا فلان، إن المسلمين ذكروا أن الطعام قد نفد إلا شيء عندك، فأخرجه وبعه كيف شئت ولا تحبسه ".
ورواه الشيخ أيضا إلا أنه قال: " فقد "، مكان " نفد " في المواضع الثلاثة. (2) ولا كلام في رجال السند إلا في حذيفة ومحمد بن سنان. والظاهر أن الأمر فيهما سهل وليسا في حد الضعف الموجب لطرح الرواية بالكلية. ولعل فلان في الحديث كان هو حكيم بن حزام المذكور في الصحيحة السابقة.
وأمره (صلى الله عليه وآله وسلم) بإخراج الطعام وبيعه، ونهيه عن حبسه يحتمل أن يكون حكما إلهيا فقهيا والأمر والنهي منه (صلى الله عليه وآله وسلم) إرشاديا، وأن يكون حكما ولائيا مولويا صدر