النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يحبس في تهمة الدم ستة أيام، فإن جاء أولياء المقتول بثبت وإلا خلى سبيله. " (1) وقد مر في فصل الحبس والسجن أخبار مستفيضة في هذا المجال، فراجع. وإن كان الحكم في غير الدم لا يخلو من إشكال كما مر، فراجع. هذا مع التهمة والاحتمال.
وأما إذا علم الحاكم أنه يوجد عند الشخص اطلاعات نافعة في حفظ النظام ورفع الفتنة أو في تقوية الإسلام أو في إحقاق حقوق المسلمين بحيث يحكم العقل والشرع بوجوب الإعلام عليه وكان وجوبه واضحا بينا له أيضا وهو مع ذلك يكتم الشهادة عنادا جاز حينئذ تعزير المتهم للكشف والإعلام فقط من دون أن يترتب على اعترافه المجازاة، لما عرفت من جواز التعزير على ترك الواجب مطلقا، والمفروض أن الإعلام واجب عليه.
وأما في مثل الزنا واللواط وشرب الخمر ونحو ذلك من حقوق الله المحضة فلا يجب على المرتكب إظهارها، وليس للحاكم أيضا تهديده أو تعزيره لذلك، بل اللازم في مثلها هو الستر والتوبة إلى الله - عز وجل -.
فهذا ملخص ما ذكرناه هناك، والتفصيل يطلب من ذلك المقام فقد عقدنا هناك خمس مسائل في هذا المجال، فراجع.
ولا يخفى أن تشخيص موارد وجوب الإخبار والإعلام بحيث يصح تعزير الشخص لذلك، وكيفية التعزير ونوعه المناسب لهذا الشخص ومقداره اللازم أمور دقيقة لا يجوز تفويضها إلا إلى من يكون أهلا للتشخيص وواجدا للشرائط التي مرت من العقل والفطنة والصدق والأمانة مع نوع من الشفقة والرحمة، وإلا حصل الطغيان والتعدي وصار في المآل فاجعة على الدولة والأمة، فتدبر.