ارتباط المستخبرين بجهاز القضاء وغيره من أجهزة الحكومة، ويميز وظيفة كل منها لئلا يتدخل أحد منهم فيما ليس من شأنه ومسؤوليته. ولا يجوز أن يفوض الأمر بنحو الإطلاق إلى الموظف في الاستخبارات بحيث يصنع كل ما شاء وأراد، كما هو الرائج في الحكومات الاستبدادية.
وثانيا: إعمال الدقة والتعمق في انتخاب الموظفين من بين أهل العقل والتجربة و الصدق والأمانة والفطنة والصرامة والرحمة والشفقة بالعباد والالتزام بموازين الإسلام، كما مر. وقد مر في الفصل الرابع من الباب السادس عند البحث عن السلطة التنفيذية روايات كثيرة تدل على مواصفات الوزراء والعمال، فراجع.
وثالثا: مراقبتهم حينا بعد حين بعيون بصيرة نافذة تراقبهم في أعمالهم وعشرتهم، ثم مجازاة المتخلفين منهم بأشد المجازاة، وليس كل ذلك إلا لخطورة هذه الوظيفة و حساسيتها.
ولو فرض انحراف هذه المؤسسة الخطيرة الدقيقة عن برامجها وأهدافها ولو بنقطة صارت في المآل فاجعة على الدولة والأمة معا، كما شوهد نظيره في كثير من الدول.
ألا ترى أن وقوع انفراج ما في رأس الزاوية يوجب تزايد الانفراج وتباعد الخطين بازدياد البعد عن نقطة الرأس، فتدبر.
وبما ذكرنا يظهر أن جهاز الاستخبارات أيضا يحتاج إلى جهاز استخبار فوقه يراقب موظفيه ويتجسس على أعضائه وموظفيه ولا سيما إذا اتسع الجهاز وتكثرت شعبه و أعضاؤه كما في عصرنا.
كيف؟! ويمكن أن يبلغ جهاز الاستخبارات بسعته وكثرة شعبه وقدرته المخوفة و خفاء قراراته ونشاطاته حدا يتدخل سرا في جميع الشؤون وفي نصب المقامات و عزلها وإسقاط الحكومات والدول، بل ربما يتدخل في شؤون سائر البلاد حتى في