فإن قلت: الإمام هو المسؤول الأعظم كما مر بيانه في الفصل الثالث من الباب، و السلطات الثلاث أعوانه وأعضاده، فيجب أن يكون جهاز الاستخبارات في خدمته ليراقب بسببه السلطات الثلاث بفروعها ويراقب الأمة أيضا.
قلت: كونه جزء من السلطة التنفيذية لا يمنع عن مباشرة الإمام بمسؤوله وأن يأمره بأوامره، أو يأمره بتشكيل شعبة خاصة تكون تحت اختيار الإمام مباشرة فإن الكل عمال له ويكونون تحت سلطته وأمره.
ويؤيد الاحتمال الثاني: أن للاستخبارات مساسا خاصا بأعمال السلطة القضائية، و كأن جهاز الاستخبارات ضابط من ضباطها، فإن المتخلفين في جميع الشعب يرجع أمرهم في النهاية إلى جهاز القضاء وليس لجهاز الاستخبار أيضا القبض على المتهمين و التحقيق منهم إلا بإجازة السلطة القضائية.
ويؤيد الاحتمال الثالث، إن مراقبة رئيس الدولة ووزرائه بفروعها المختلفة من أهم شعب الاستخبار، والمناسب أن تكون العين المراقبة غير من يراقب بل أعلى منه و مستولية عليه، ولعل السلطة التنفيذية تأبى غالبا من انكشاف أخطائها وانحرافاتها، أو حاجات الناس وشكاياتهم عنها فلا يظهرون الواقعيات للإمام ويجعلونه في اشتباه و غفلة عما يقع في الدوائر وفي المجتمعات، وربما يقلبون الحقائق عنده لئلا يظهر تقصيرهم أو ضعفهم، وفي ذلك خسارة عظيمة على الدولة والأمة معا، بل ربما يخاف منه ثورة الناس وسقوط الدولة.
أقول: والأنسب الأولى هو اختيار الثالث، لأن الإمام هو الأصل في الحكومة الإسلامية وهو الحاكم والمسؤول حقيقة، ومسؤولية البقية من فروع مسؤوليته، فيكون هو إلى الاستخبارات أحوج، فالأنسب أن تكون الاستخبارات مرتبطة به مباشرة وهو يأمر جهاز الاستخبار بالتفاهم مع سائر الأجهزة.