ويحتمل أيضا تعدد أجهزة الاستخبار، فما يختص بمراقبة الأعداء بشعبتيه يشترك بين الإمام والدولة ويجعل للإمام أيضا جهاز استخباري مستقل يراقب به المسؤولين و الأمة، ولرئيس الدولة ووزرائه أيضا جهاز يخصه.
ويؤيد ذلك ما مر من أمر أمير المؤمنين (عليه السلام) مالكا ببعث العيون على عماله مع ما ظهر من أن الإمام بنفسه أيضا كان له عيون تخبره.
وكيف كان فالإمام الذي هو الأصل والمسؤول في الحكومة لا مناص له عن الاطلاع التام على عماله وأمته.
قال المسعودي في مروج الذهب:
" ذكر المقري قال: سئل بعض شيوخ بني أمية ومحصليها عقيب زوال الملك عنهم إلى بني العباس: ما كان سبب زوال ملككم؟ قال: إنا شغلنا بلذاتنا عن تفقد ما كان تفقده يلزمنا، فظلمنا رعيتنا فيئسوا من إنصافنا وتمنوا الراحة منا، وتحومل على أهل خراجنا فتخلوا عنا، وخربت ضياعنا فخلت بيوت أموالنا، ووثقنا بوزرائنا فآثروا مرافقهم على منافعنا، وامضوا أمورا دوننا، أخفوا علمها عنا، وتأخر عطاء جندنا فزالت طاعتهم لنا، و استدعاهم أعادينا فتظافروا معهم على حربنا، وطلبنا أعداءنا فعجزنا عنهم لقلة أنصارنا، وكان استتار الأخبار عنا من أوكد أسباب زوال ملكنا. " (1) أقول: فتأمل في هذه الجملات ولا سيما الجملة الأخيرة، وعليك بتطبيقها على جميع الأصقاع والأزمنة.
الثامن:
في آخر فصل الاستخبارات نلفت نظر القارئ الكريم إلى ما لوحنا إليه أولا