مواجهة قوى متجمعة معاندة ضدهما فتنفشلان وتسقط الدولة وتتحمل الأمة خسارات كثيرة في الأموال والنفوس، ومن الواضح أن ذلك يتوقف على المراقبة الصحيحة لتحركات أهل الريب والطابور الخامس وتجمعاتهم السرية بالاستخبارات الدقيقة والعيون البصيرة المحدقة.
ويدل على جواز ذلك بل وجوبه مضافا إلى ما مر من الأدلة العامة على وجوب حفظ النظام، وإلى تنقيح المناط القطعي مما مر من الروايات في الموارد الخاصة بعض ما ورد في خصوص المقام أيضا:
1 - قال الله - تعالى - في شأن المنافقين: " هم العدو، فاحذرهم، قاتلهم الله أنى يؤفكون؟ " (1) قال الراغب:
" الحذر: احتراز عن مخيف. " (2) فالله - تعالى - أوجب الاحتراز عن المنافقين. وإطلاق الحذر والاحتراز يقتضي مراقبتهم في نشاطاتهم وتجمعاتهم، بل هي من أظهر طرق الحذر ومصاديقه، و المسلمون في عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صاروا ببركة الوعي والرشد السياسي الذي تلقوه منه (صلى الله عليه وآله وسلم) بأجمعهم إلا ما شذ عيونا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يرصدون ويراقبون قرارات المنافقين و تحركاتهم، كما كانوا يراقبون تحركات الكفار في الغزوات والسرايا وغيرها، وكانوا يرون ذلك وظيفة إسلامية جعلت على عاتقهم، فترى زيد بن أرقم لما سمع من عبد الله بن أبى المنافق قوله: " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل " (3) مريدا بالأعز نفسه وبالأذل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عارضه زيد بذلك ثم مشى إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخبره حتى قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في نهاية الأمر: " يا غلام، صدق فوك ووعت أذناك ووعى قلبك، وقد أنزل الله فيما قلت قرآنا. " (4)