والوفاء حدا يوثق بهم ثقة مطلقة بحيث يكتفي بأخبارهم في خيانة العمال، وأوجب عقوبة الخائن وتذليله حتى يعتبر بذلك كل من سمع ولا يحوم أحد حول الخيانة. فهذا الذي يحكم أساس الملك والحكومة ويوجب انجذاب الأمة إلى الدولة ودفاعها عنها، لا ما قد يتوهم من الإغماض والتغاضي عن تقصيرات المسؤولين وخياناتهم باسم الدفاع عن الدولة.
3 - وفي تحف العقول في عهده هذا إلى مالك في وصيته للجنود وأمرائهم، قال: " ثم لا تدع أن يكون لك عليهم عيون من أهل الأمانة والقول بالحق عند الناس فيثبتون بلاء كل ذي بلاء منهم ليثق أولئك بعلمك ببلائهم ثم اعرف لكل امرئ منهم ما أبلى. " (1) و روى نحوه في الدعائم فراجع. (2) أقول: وفيه نقل بالمعنى لا محالة كما هو ظاهر.
وإذا رأينا أن أمير المؤمنين (عليه السلام) اهتم بمراقبة العمال وبعث العيون عليهم وأمر مالكا بذلك فلا محالة كان هو بنفسه يراقب عماله بعيونه، ولعله يشعر بذلك بل يدل عليه ما ورد في كتبه إلى عماله من بلوغ أخبارهم إليه مع بعد المسافة بين البلاد، حيث إن وسائل الإعلام والاخبار الموجودة في عصرنا لم تكن توجد في تلك الأعصار ومع ذلك كان يبلغه جزئيات أعمال العمال حتى مثل شركة بعضهم في مجلس ضيافة، فيظهر بذلك شدة عنايته بذلك وبعثه عيونا ترصد أعمالهم وتخبره بها:
1 - ففي كتابه إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة: " أما بعد يا بن حنيف، فد بلغني أن رجلا من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة فأسرعت إليها، تستطاب لك الألوان وتنقل إليك الجفان، وما ظننت أنك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفو وغنيهم مدعو. " (3) 2 - وفي كتابه إلى ابن عباس على ما قيل: " أما بعد فقد بلغني عنك أمر إن كنت