قالا: تعطينا نصف تمر المدينة، فأبى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يزيدهما على الثلث، فرضيا بذلك.
وجاءا في عشرة من قومهما حين تقارب الأمر، فجاؤوا وقد أحضر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أصحابه، وأحضر الصحيفة والدواة.
فأقبل أسيد بن حضير إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول الله، إن كان أمرا من السماء فامض له، وإن كان غير ذلك فوالله لا نعطيهم إلا السيف، متى طمعوا بهذا منا؟
فأسكت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ودعا سعد بن معاذ وسعد بن عبادة، فاستشارهما في ذلك و هو متكئ عليهما والقوم جلوس، فتكلم بكلام يخفيه، وأخبرهما بما قد أراد من الصلح.
فقالا: إن كان أمرا من السماء فامض له، وإن كان أمرا لم تؤمر فيه ولك فيه هوى فامض لما كان لك فيه هوى، فسمعا وطاعة، وإن كان إنما هو الرأي فما لهم عندنا إلا السيف، وأخذ سعد بن معاذ الكتاب.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إني رأيت العرب رمتكم عن قوس واحدة فقلت: أرضيهم و لا أقاتلهم.
فقالا: يا رسول الله، إن كانوا ليأكلون العلهز في الجاهلية من الجهد، ما طمعوا بهذا منا قط أن يأخذوا تمرة إلا بشرى أو قرى! فحين أتانا الله - تعالى - بك، وأكرمنا بك، وهدانا بك نعطى الدنية! لا نعطيهم أبدا إلا السيف.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): شق الكتاب. فتفل سعد فيه ثم شقه، وقال: بيننا السيف. " (1) وفي النهاية:
" العلهز: هو شيء يتخذونه في سني المجاعة، يخلطون الدم بأوبار الإبل ثم يشوونه بالنار ويأكلونه، وقيل: كانوا يخلطون فيه القردان. " (2)