أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها. وكان رأي عبد الله بن أبي بن سلول مع رأي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم); يرى رأيه في ذلك وألا يخرج إليهم، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يكره الخروج.
فقال رجال من المسلمين ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره ممن كان فاته بدر:
يا رسول الله، اخرج بنا إلى أعدائنا لا يرون أنا جبنا عنهم وضعفنا.
فقال عبد الله بن أبى بن سلول: يا رسول الله، أقم بالمدينة لا تخرج إليهم; فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه...
فلم يزل الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم حتى دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بيته فلبس لأمته... ثم خرج عليهم وقد ندم الناس، وقالوا: استكرهنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يكن لنا ذلك. فلما خرج عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قالوا: يا رسول الله، استكرهناك ولم يكن ذلك لنا، فإن شئت فاقعد، صلى الله عليك. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل. فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ألف من أصحابه. " (1) وفي المغازي بعد نقل رؤيا النبي:
" وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أشيروا على. ورأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ألا يخرج من المدينة لهذه الرؤيا. " ثم ذكر القصة بالتفصيل، فراجع. (2) فهو (صلى الله عليه وآله وسلم) مع ما كان يرى من عدم الخروج من المدينة لما رأى إصرار أكثر أصحابه على الخروج وحرصهم على الشهادة في سبيل الله ترك رأي نفسه وتابع رأيهم، حرصا على حفظ حرمتهم وإبقاء لروح الإيثار والشجاعة المحياة في نفهوسهم.