اللغوي بعمومه، والضرب ليس إلا مصداقا شائعا من مصاديقه، ولعل اختياره من بين المصاديق غالبا كان من جهة كونه أشد تأثيرا وأعم نفعا فيما يترقب منه وأسهل تناولا.
كما أنه يظهر من بعض آخر أن المراد باللفظ خصوص الضرب ولكنه لا يتعين اختياره، بل يكون بحسب الرتبة متأخرا عن مثل التوبيخ والهجر ونحوهما، فلا تصل النوبة إليه إلا بعد عدم تأثير غيره.
وكيف كان، فهل يتعين الضرب والعقوبة البدنية في من تخلف مطلقا، أو يكون مشروطا بما إذا لم ينته بالنهي والتوبيخ والتهديد والهجر ونحو ذلك، أو يكون الإمام مخيرا بين الضرب وبين غيره؟ وجوه بل أقوال:
ظاهر أكثر الكلمات ومنها ما مر من الشرائع والقواعد هو الأول.
ولكن: 1 - قال الشيخ في أشربة المبسوط:
" إذا فعل إنسان ما يستحق به التعزير مثل أن قبل امرأة حراما، أو أتاها فيما دون الفرج، أو أتى غلاما بين فخذيه - عندهم لأن عندنا ذلك لواط - أو ضرب إنسانا، أو شتمه بغير حق فللإمام تأديبه; فإن رأى أن يوبخه على ذلك ويبكته أو يحبسه فعل، وإن رأى أن يعزره فيضربه ضربا لا يبلغ به أدنى الحدود - وأدناها أربعون جلدة - فعل، فإذا فعل فإن سلم منه فلا كلام، وإن تلف منه كان مضمونا عند قوم.
وقال قوم: إن علم الإمام أنه لا يردعه إلا التعزير وجب عليه أن يعزره، وإن رأى أنه يرتدع بغيره كان التعزير إليه: إن شاء عزره وإن شاء تركه، فإن فعل ذلك فلا ضمان على الإمام، سواء عزره تعزيرا واجبا أو مباحا. وهو الذي يقتضيه مذهبنا. " (1) وظاهره كون التأديب أعم من التعزير، والتعزير ينحصر في الضرب، ولكن