15 - حسن العلاقة مع سائر الأمم والمذاهب بالسلم والبر والقسط وحفظ الحقوق المتقابلة في النفوس والملة والأراضي والأموال إذا لم يقاتلوا المسلمين ولم يخرجوهم من ديارهم، لا بأن يتخذهم الوالي بطانة أو يجعل لهم سبيلا على المسلمين وشؤونهم.
فهذه خمسة عشر عنوانا لما يجب على الحاكم الإسلامي بالأصالة، اقتبسناها مما ذكر من الآيات والروايات. ونرد الاستقصاء فيها، بل ذكر نماذج.
والجامع لجميع هذه العناوين هو الأمور المتعلقة بمجتمع المسلمين بما هو مجتمع، أي بنحو العام المجموعي لا الاستغراقي، كحفظ نظامهم، وأمن بلادهم وسبلهم، ودفع الأعداء عنهم وإعداد القوى في قبالهم، وتعليمهم وهدايتهم، وإقامة السنة وإماتة البدع وإقامة فرائض الله وشعائره فيهم، وإجراء حدود الله وأحكامه، وفصل الخصومات بينهم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجباية الفيء والصدقات وحفظ الأنفال و الأموال العامة وإيصالها إلى أهلها، وتنظيم علاقتهم مع سائر الأمم ونحو ذلك مما يتعلق بالمجتمع بما هو مجتمع ولا يكون متعلقا بشخص خاص.
والخطابات الواردة في الكتاب والسنة في هذا السنخ من الأمور أيضا توجهت إلى المجتمع كذلك لا بنحو العموم الاستغراقي.
وعلى هذا فيكون المتصدي لها من يتمثل فيه المجتمع، أعني الحاكم المنتخب من قبل الله - تعالى - أو من قبلهم. ولعل قول أمير المؤمنين (عليه السلام) على ما في نهج البلاغة: " إلا أن أقيم حقا أو أدفع باطلا " باختصاره وجامعيته يعم جميع ما ذكرنا، وإن شئت فعبر " حراسة الدين وسياسة الدنيا "، فتأمل.
وأما تعيين السلطات الثلاث ورعاية المواصفات المعتبرة فيها ومراقبة أعمالها و بعث العيون عليها ونحو ذلك فليست هذه الأمور من أهداف الحكومة وواجباتها بالأصالة، بل هي من قبيل المقدمات الواقعة في طريق تحصيل الأهداف.
وإن شئت قلت: هي قوام الحكومة لامن أهدافها، والبحث فيها يأتي في الفصول الآتية. هذا.