37 - وتعرض في الباب الثامن والأربعين للحسبة على الوعاظ فقال:
" يجب على المحتسب أن ينظر في أمر الوعاظ ولا يمكن أحدا يتصدى لهذا الفن إلا من اشتهر بين الناس بالدين والخير والفضيلة، وأن يكون عالما بالعلوم الشرعية وعلم الأدب، حافظا للكتاب العزير والأحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخبار الصالحين وحكايات المتقدمين، ويمتحن بمسائل يسأل عنها من هذه الفنون فإن أجاب وإلا منع كما اختبر الإمام على بن أبي طالب (عليه السلام) الحسن البصري وهو يتكلم على الناس فقال له: ما عماد الدين؟ قال: الورع. قال: فما آفته؟ قال: الطمع. قال: تكلم الآن إن شئت... ومن لا يدري ذلك وكان جاهلا بذلك منع من الكلام، فإن لم يمتنع ودام على كلامه عزر.
ومن عرف شيئا يسيرا من كلام الوعاظ وحفظ من الأحاديث وأخبار الصالحين قبل ذلك وقصد الكلام يسترزق به ويستعين على قوته فيبيح له بشرط أن لا يصعد المنبر بل يقف على قدميه، فإن رتبة صعود المنبر رتبة شريفة لا يليق أن يصعد عليه إلا من اشتهر بما وصفناه، وكفى به علوا وسموا أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صعد عليه والخلفاء الراشدون من بعده والأئمة... فلا يمكن من ذلك إلا رجلا مشهورا بالدين والخير والفضيلة، كما تقدم.
ومن شرطه أن يكون عاملا لله، مجتهدا، قوالا، فعالا... ومهما كان الواعظ شابا متزينا للنساء في ثيابه وهيئته كثير الأشعار والإشارات الحركات وقد حضر مجلسه النساء فهذا منكر يجب المنع منه، فإن الفساد أكثر من الصلاح. ويبين ذلك منه بقرائن أحواله، بل لا ينبغي أن يسلم الوعظ إلا لمن ظاهره الورع وهيئته السكون والوقار وزيه زي الصالحين وإلا فلا يزداد الناس إلا تماديا في الضلال. ويجب أن يضرب بين النساء و الرجال حائل يمنع النظر إليهن، فإن ذلك مظنة الفساد... " (1) 38 - وتعرض في الباب التاسع والأربعين للحسبة على المنجمين وكتاب الرسائل فقال: