وممن يأكل فيها الطعام وينام أو يعمل صناعة أو يبيع فيها سلعة أو ينشد فيها ضالة أو يجلس فيها لحديث الدنيا فجميع ذلك قد ورد الشرع بتنزيه المساجد عنه وكراهية فعله، ويتقدم إلى جيران كل مسجد بالمواظبة على صلاة الجماعة عند سماع الأذان لإظهار معالم الدين وإشهار شعائر الإسلام، لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد...
ويشترط في الإمام أن يكون رجلا عاقلا قارئا فقيها سليم اللفظ من رث أو لثغ... و يمنع المحتسب أيضا من يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة بعد النداء لما فيه من الإيذاء. و إذا كان في أئمة المساجد والجوامع من يطيل الصلاة حتى يعجز عنها الضعيف وينقطع بها ذووا الحاجات عن حاجاتهم أنكر المحتسب ذلك عليه كما أنكر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على معاذ حين أطال الصلاة بقومه فقال: أفتان أنت يا معاذ؟...
ولا يؤذن في المنارة إلا عدل ثقة أمين عارف بأوقات الصلوات، لان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
" المؤذنون أمناء والأئمة ضمناء، فأرشد الله الأئمة وغفر للمؤذنين. " وينبغي للمحتسب أن يمتحنهم بمعرفة الأوقات فمن لم يعرف ذلك منعه من الأذان حتى يعرفها... فيجب عليه معرفة الوقت ويقرأ باب الأذان والإقامة في الفقه. ويستحب أن يكون المؤذن حسن الصوت وينهاه المحتسب على التغني في الأذان وهو التمطيط الفاحش والتطريب، ويأمره إذا صعد المنارة أن يغص بصره عن النظر إلى حريم الناس و دورهم ويأخذ عليه العهد في ذلك، ولا يصعد إلى المنارة غير المؤذن في أوقات الصلوات...
ويأمر المحتسب القومة أن يقفوا على أبواب الجامع يوم الجمعة ويمنعوا الصعاليك من الدخول للكدية جملة واحدة ففي دخولهم ضرر على الناس، ويمنعونهم من الاشتغال بالذكر والعبادة فإنهم يشوشون عليهم في الصلاة لا سيما من يقف ويحكي أخبارا وقصصا ما أنزل الله بها من سلطان... " (1)